هل ينقذ “مارشال الألماني” أفريقيا من الفقر والفساد؟

هل تنقذ خطة مارشال الاقتصادية التي اقترحتها ألمانيا من 30 صفحة أفريقيا من الفقر المدقع وتعالج الفساد؟ الجواب قد يبدو صعبا في ظل المفارقات التي تعيشها القارة السمراء بين الثروة والفقر وسط ركام تحالف العسكر والنخبة.

أفريقيا قارة العجائب، لا تنتهي فيها المفارقات، خرجت من استعمار الرجل الأبيض لترتمي في أحضان استعمار بني جلدتها من الساسة السود.

وأممت القارة السمراء ثرواتها الطبيعية من الشركات الغربية لتنتهي في جيوب حفنة من تحالف بغيض جديد يتألف من “الأثرياء والساسة”، بينما واصل المواطن البسيط في إملاق وسط فقر مدقع يتسول مؤسسات الإغاثة. إنها مأساة قارة يرفل أغنياؤها من أصحاب المليارات، في حياة مترفة وعيشة باذخة وسط أكوام من الفقر المدقع الذي يعيشه غالبية السكان، إذ يعيشون على دولار أو دولارين في اليوم.

ومن أمثلة المفارقات، في نيجيريا تبلغ ثروة الملياردير اليكو دانغوته حوالى 18.2 مليار دولار، حسب مجلة فوربس. وهو واحد فقط من بين 15400 ثري يقتسمون ثروات النفط مع الساسة، فيما يقدر متوسط دخل الفرد النيجيري بحوالى 3300 دولار. ويعيش ثلثا السكان في هذا البلد العضو في منظمة “أوبك” على دخل دولارين في اليوم. ومعروف أن نيجيريا دولة غنية بالنفط ويقدر ناتجها المحلي بحوالى 510 مليارات دولار. حسب تقديرات البنك الدولي في العام 2014.

ولا يختلف الحال في كينيا التي تذخر بالموارد السياحية والثروات الحيوانية والزراعية والمعادن. يقدر عدد الأثرياء في كينيا بحوالى 8500 ثري، وتعادل ثروتهم ثلث العائد الاقتصادي للبلاد. وفيما يبلغ متوسط معدل ثروة كل واحد منهم حوالى 83 مليون دولار، يعيش نصف سكان كينيا على دخل يقل عن دولارين في اليوم.

وفي أنغولا، التي هبطت على سكانها حديثاً ثروات النفط والغاز الطبيعي، ارتفع عدد الأثرياء إلى 6400 ثري. وتعد ابنة الرئيس الأنغولي إيزابيل دوس سانتوس أثرى الأغنياء في كينيا، حيث تقدر فوربس ثروتها بحوالى 3.2 مليارات دولار. ورغم التحسن الكبير في دخل البلاد خلال السنوات الأخيرة ، فلا يزال متوسط دخل الفرد في أنغولا لا يتعدى 600 دولار في العام.

وهكذا يمكن تعداد المفارقات بين الثروة والأثرياء وحصة السكان في كل من مصر والسودان وأثيوبيا. وكلها تحكي فوارق مؤلمة، تراكمت منذ أكثر من سبعة عقود بسبب فساد التحالف بين “عسكر طغاة وحفنة فاسدة من النخبة”.

ويذكر أن المؤتمر الاقتصادي بين المانيا وقادة أفريقيا وشركاتها الذي انتهى اليوم في نيروبي القى الضوء على جزء من هذا الفساد الذي يعوق تقدم القارة الأفريقية.

وكان وزير التنمية الألماني قد أعلن فيه عن “خطة مارشال” لتنمية أفريقيا، غير أن عدداً من الخبراء اعتبروا الخطة غير كافية للنهوض بالقارة السمراء، كما دعا الوزير الألماني لإحداث سوق مشتركة بين أوروبا والدول المغاربية .

قال غيرد مولر وزير التنمية الألمانية، خلال تقديمه لـخطة مارشال لتنمية أفريقيا “إذا لم نتعاون على حل المشاكل في عين المكان، فإن المشاكل ستأتي إلينا”.

وأكد مولر أن مشروعه هو مع أفريقيا وليس لأفريقيا، بمعنى أن الأمر يتعلق بمبادرة تشاركية وليس بإملاء فوقي. ومن المتوقع أن يرتفع عدد سكان أفريقيا بنسبة 20% في العام 2050 . وهو ما يطرح عدة تحديات من حيث ضمان مصادر التغذية والطاقة ومناصب الشغل للشباب الإفريقي.

وتتكون خطة مارشال الألمانية من ثلاثين صفحة تتضمن عدة محاور تركز على التنمية الاقتصادية ومساعدات أكبر في ميدان التكوين والتدريب المستمر. ودعا الوزير الألماني إلى إحداث مفوض أوروبي خاص يكرس مهامه لأفريقيا، داعياً في الوقت ذاته الاقتصاد الألماني لاستثمار في أفريقيا التي تزخر بفرص هائلة حسب موللر.

غير أن حزب الخضر انتقد الخطة واعتبر أنه يجب “النظر إلى أفريقيا برؤية أكثر اختلافاً وتنوعاً”. وقال المتحدث باسم سياسة التنمية في الفريق البرلماني للحزب أوفه كيكيريتز، لموقع دويتشه فيله الألماني، إن الإجراءات التي يتعين اتخاذها في منطقة الساحل مثلاً تختلف تماماً من حيث البنية والتمويل بالمقارنة بجنوب القارة أو الكونغو.

ودعا الحزب إلى معاهدات دولية للتجارة أكثر عدلاً، وكذلك محاربة الفساد والتهرب الضريبي. ودعا الوزير الألماني لإحداث سوق مشتركة بين الاتحاد الأوروبي من جهة ودول المغرب الكبير إضافة إلى مصر من جهة ثانية.

العربي الجديد