جرائم وحوادث

تفاصيل محاكمة “عاصم عمر” في قضية مقتل شرطي في تظاهرات احتجاجية

ناقلات جنود شرطية تراصت من الصباح الباكر حول مجمع محاكم الخرطوم، وما جاوره، دفع العديد من المواطنين إلى توقيفنا للاستفسار عن ماهية الإجراءات الأمنية المشددة.. كان المارون يحملون آلاف الأسئلة حول الوجود الشرطي الكثيف، في المقابل كان المئات من الطلاب والناشطين من منظمات المجتمع المدني يطوقون المحكمة من الداخل والخارج، للدخول إلى القاعة، كان الأمر صعباً للغاية عندما وجهت شرطة المحكمة بإدخال الحضور من الباب الشرقي الخارجي للمحكمة، فيما حاول البعض الدخول من الباب الغربي، وتخطى البعض الحواجز التي وضعتها الشرطة داخل فناء المحكمة، مما أحدث حالة من الاحتكاك والتدافع بين الشرطة والقانونيين، ولكن سرعان ما عادت الأوضاع تحت السيطرة، كل هذا سبق جلسة النطق في قضية عضو طلاب المستقلين بجامعة الخرطوم، “عاصم عمر” الذي يواجه جريمة قتل شرطي خلال مظاهرات احتجاجية على بيع جامعة الخرطوم، حيث شغلت قضيته الرأي العام.
قاعة المحكمة لم تخلُ أيضاً من التعزيزات الشرطية، وكان لافتاً تبادل الدموع بين هيئة الاتهام والحضور عندما توصلت المحكمة إلى إدانة “عاصم” بقتل شرطي، “عاصم” لم يتمالك نفسه وبات يضرب بقفص الاتهام بالقوة وهو يرد هتافات شقيقته والتي بادلته الهتافات، فيما ضجت القاعة بالهتافات، الشرطة سيطرت على الموقف وأخرجت الحضور من المحكمة.
}تفاصيل ثلاث ساعات في محاكمة “عاصم”
امتلأت قاعة المحكمة عن بكرة أبيها بالحضور الذين جرى إدخالهم قبيل ساعة من الجلسة، القاضي “عابدين حمد ضاحي” قام بتدوين بيانات هيئة الاتهام والدفاع وشرع في تلاوة قرار المحكمة، وذكر في حيثيات قرار الإدانة موضحاً: بتاريخ (22/ 4/2016)، وقعت أحداث مظاهرات بيع جامعة الخرطوم، قام بعض الطلاب بالاصطفاف في مسيرة توجهت إلى السوق العربي بالخرطوم، في الوقت الذي كانت سيارة الشرطة تفض المتظاهرين بالقرب من مول الواحة بالخرطوم، قام المتهم برمي عبوة حارقة (ملتوف)، أدت إلى إصابة المجني عليه بحروق، تم نقله إلى مستشفى الشرطة، وبعد مضي أسبوع فارق الحياة، وقال القاضي بتاريخ (22/5/2016) عدلت النيابة مادة الاتهام من الأذى الجسيم إلى القتل العمد وتم القبض على المتهم، بعد اكتمال التحريات قدمته إلى المحاكمة، وأوضح القاضي أن المحكمة استمعت لشهود الاتهام واستجوبت المتهم ووجهت له التهمة بالقتل العمد، وجاء خط دفاعه بالإنكار التام، ودفع المتهم بعدم وجوده في مكان الجريمة يوم الأحداث، وقال القاضي إن المحكمة استدعته للإدلاء بإفادته لصالح المحكمة ومن ثم تأجيل القرار.
}استعراض القضية
استعرض القاضي إفادات شهود الاتهام، وقال إن أحد الشهود وهو زميل المجني عليه، أكد أنه تحرك مع زميله المجني عليه، لاحتواء مظاهرة بيع جامعة الخرطوم، وعند وصول عربة الشرطة بالقرب من الجامع الكبير شاهد الشاهد المتهم يتحرك على بعد (100) متر وهو يحمل حقيبة على ظهره، وفجأة قام بفتحها وأخذ شيئاً من داخلها ورمى به ناحية العربة، وقال الشاهد إنه اعتقد في بادئ الأمر أنها طوبة، ولكن سرعان ما خرج منها لهب أصاب المجني عليه، وقال القاضي إن الشاهد ذكر أنه تعرف على المتهم الذي كان يرتدي (فانيلة) برتقالية وإنه تعرف إليه من ملامح وجهه، وواصل القاضي تلاوة القرار، مبيناً أن الشاهد الثاني قال العربة كانت تسير ببطء وإن المتهم عندما قذف بالملتوف، اعتقد بأنها طوبة وأن سياج العربة سيحميهم، وأن الشاهد ذكر بأنه تعرف إلى المتهم من ملامح وجهه، بأن شعره به بوب، وأن إفادات الشاهد الثالث جاءت بنفس الإفادات، وقال القاضي إن الشاهد الرابع ألقى القبض على المتهم أثناء خروجه من الجامعة وضبط داخل الحقيبة التي يحملها ساطور، وإن المتهم حاول مقاومته وإنه أجرى تحريات ميدانية اتضح من خلالها أن المتهم ليست له علاقة بالجامعة، وإنه اعترف بأنه ألقى الملتوف على عربة الشرطة، وذكر القاضي أن المحكمة استمعت للشاكي وهو والد المجني عليه، وأوضح أن والدة الأخير كانت قد اتصلت على زوجها وأخبرته أن ابنهم تعرض لإصابة بحروق وهو في العناية المكثفة بالمستشفى، وأشار إلى أن أحد الطلبة ذكر لهم إنه يعرف المتهم الذي ألقى بالقنبلة، ومضى القاضي في سرد الحيثيات، وقال إن ستة من زملاء المجني عليه اتفقوا في إفاداتهم بأن المتهم تعرفوا إليه من خلال (البوب)، كما أكدوا أن المتهم هو من رمى الملتوف وأدى إلى مقتل الشرطي وأصيب (9) آخرون، وقال القاضي المحكمة في المقابل استجوبت المتهم الذي أنكر وجوده في مكان الحادث، ودفع بعدد من شهود الدفاع من بينهم والد المتهم الذي ذكر أن ابنه تم فصله من جامعة بحري، وتحويله إلى جامعة الخرطوم، وأنه كان موجوداً في المنزل مع والده لعمل صيانة، كما أكد عدد من شهود الدفاع ذلك، في الوقت الذي أكدت زميلة المتهم أنه كان موجوداً في الجامعة، وقال القاضي إن أقوال شهود الدفاع التي أخذت أمام المحكمة لم تدون في يومية التحري خاصة أن المتهمين كانوا يزورونه بصفة يومية وأن المتهم لم يطلب إفاداتهم، وأوضح القاضي أن هذا أوجد نوعاً من التراخي، وأضاف أن الأخير يضعف بينة الدفاع ويشكك في أقوال الشهود، وأن تلك الإفادات تتهاوى أمام بينات الاتهام والتي جاءت متماسكة وقوية عززتها القرائن، وقال القاضي عند مراجعة تقرير الطبيب الشرعي ذكر أن سبب الوفاة التسمم الدموي الناجم عن الحريق من الدرجة الثانية، وأن الوفاة توافرت فيها علاقة السببية التي ليس بها لبس ولا غموض، وقال القاضي إن القصد الجنائي توفر عندما ألقى المتهم عبوة حارقة على عربة الشرطة يصعب منها الخروج، وقال إن هذا يقود إلى القصد الاحتمالي، وهو أن الحرق من الوسائل القاتلة وأن ذلك يستشف منه قتل المجني عليه مما يترتب عليه المسؤولية الجنائية عند مناقشة الدفوعات والاستثناءات الواردة في القانون الجنائي، التي تحول الجريمة إلى شبه عمد، وقال القاضي إن المتهم لم يثبت أنه كان في معركة مفاجئة أو في حالة دفاع شرعي أو استفزاز، وقال القاضي بناءً على ما توفر من بينات، توصلت المحكمة إلى إدانة المتهم بجريمة القتل العمد، وأرجأت المحكمة النطق بالحكم نسبة لوجود إشكالية في الإعلام الشرعي تخص والدة المجني عليه، فيما التمست هيئة الدفاع بتقديمها بينة أخلاق تدل على حسن سلوك المتهم، وعليه أرجأت المحكمة النطق في الحكم إلى (24) من سبتمبر المقبل.

تقرير – منى ميرغني
المجهر السياسي

‫3 تعليقات

  1. ينبغي أن تأخذ العدالة مجراها , والقضية هنا ليست سياسية حتى يتجمهر هؤلاء الناس والقانونيون والغوغاء , الأمر ليس محاكمة حزب ولا جهة سياسية على أعمال سياسية , وإنما محاكمة شخص متهم في فعل جنائي اتهم فيه بقتل إنسان له أهل وله أقرباء وأب وأم , ويمكن أن يكون له أبناء وزوجة ( والواجب إخضاع كل جان إلى المحاكمة حتى ولو كان المجني عليه مجهول الهوية بل لمجرد أنه إنسان حرم من حقه في أن يحيى ويعيش ), وكون أن تثبت هذه التهمة على هذا المتهم أوتنتفي هو أمر وقائع وبينات وسببية ونص قانوني ويصدر الحكم فيها قاض مؤهل كفء أعطى المتهم كامل الحق في الدفاع عن نفسه شخصيا أو بواسطة محامين ., وبعد أن وزن كل هذه الأدلة والحيثيات وأدان المتهم , والقضية في مرحلة التفريد العقابي وبعد صدور الحكم من محكمة الموضوع , يخضع الحكم تلقائياً إلى الاستئناف الذي يدرس القضية والأدلة من جديد ( من واقع ما هو مدون بالكامل ) ثم تخضعها للمداولة , فقد تؤيد م الاستئناف الحكم أو قد تلغيه وتأمر بإعادة المحاكمة أو قد تخفض الحكم أو تأمر بإعادته إلى المحكمة التي أصدرته لاستكمال بعض ما رأته من نواقص ,,, إلخ ثم يمكن أن يخضع الحكم للطعن بالنقض لدى المحكمة العليا ( الدائرة الجنائية ) …. لا ينبغي أن يشكل ولا يمكن أن يشكل تجمهر الناس حول المحكمة ضغطا عليها , لأن المحكمة هي جهة قضائية قانونية محايدة لا تحكم بالعواطف بل بناء على ما قدم أمامها من أدلة , ولذلك فإن هذا التجمهر غير مشروع ولا صحيح كما أنه يثير حفيظة واشمئزاز ذوي المجني عليه لأنهم أيضا بنو إنسان كان يجب أن يجدوا المساندة من متجمهرين !!
    المفروض في الناس أن يعلموا أن الاعتداء أثناء التظاهر من أي طرف على طرف هو غير مبرر , فالتظاهرات لا تبيح الحرام ولا تحله ولا تسوغ انتهاك القانون ولا تبرره, والإنسان العاقل المكلف محاسب ومؤاخذ بعمله فردياً , إن لم يدركه الحساب أو العقوبة في الدنيا بسبب قصور أو عدم كفاية الأدلة , فإن الآخرة آتية لا ريب فيها والحساب فيها أيضاً فردي ( وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً )

    1. نتمنى ان تعاقب الحكومه مغتصبى حرائر دار فور وحارقى الاطفال فى مسيد القران من المسؤل ؟ لو عثرت بغله ——-! الرجل شهيد اثناء اداء واجبه ولكن من يقتص لمن واريناهم الثرى

  2. ن.ح.م اوفيت وكفيت .. فعلا لابد للقانون ان يسود .. فالقاتل والمقتول لهم اهل وعشيرة ولهم قبل ذلك حق الحياة .. ولابد من القصاص ان كان هناك مخطئء والا سرنا الى ما لا يحمد عقباه. ولا مجال هنا للعواطف او الحزبية او الوطنية .. لابد ان ينال من اخطأ العقاب بقدر ما جنت يداه.