بين ما أظهر الله تعالى منك للناس وما ستر منك عنهم “قصة رحمة”
الستير سبحانه هو الذي يحب الستر ويبغض القبائح، ويأمر بستر العورات ويبغض الفضائح، يستر العيوب على عباده وإن كانوا بها مجاهرين، ويغفر الذنوب مهما عَظُمَت طالما أن عبده من الموحدين، وإذا ستر الله عبدًا في الدنيا ستره يوم القيامة.
والستر معناه: تغطية المسلم عيوبه وإخفاء هناته، وعدم كشفها للناس مع طلب التوبة والندم عليها، وتيقنه بأن الله تعالى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النهارِ، وًيبْسُطُ يَدَهُ بِالنهارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا.
في الصحيحين من حديث ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يدنى المؤمن يوم القيامة من ربه عز وجل حتى يضع عليه كنفه، فيقرره بذنوبه، فيقول: هل تعرف؟ فيقول: أي رب أعرف. قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وإني أغفرها لك اليوم. فيعطى صحيفة حسناته. وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق: هؤلاء الذين كذبوا على الله، فهذا يدل على أن الله تعالى يستر عبده المؤمن المستتر بالمعصية في الدنيا، ثم يتم عليه ستره يوم القيامة.
ولكي ينال العبد رحمة الله تعالى وعفوه بالستر عليه، فلا بد له من شروط وأخلاقيات منها: الإخلاص واجتناب الريـــاء
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ”. عدم المجاهرة بالذنب والستر على نفسه
فلو ستر نفسه، لكان في محل ستر الله تبارك وتعالى له .. فليس عندنا كرسي اعتراف ولا صناديق غفران، فمن اقترف ذنبًا وهتك سترًا فليبادر بالتوبة من قريب والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وتأخير التوبة ذنب يجب التوبة منه، عَنْ مَيْمُوْنٍ قَالَ: “مَنْ أَسَاءَ سِرّاً، فَلْيَتُبْ سِرّاً، وَمَنْ أَسَاءَ عَلاَنِيَةً، فَلْيَتُبْ عَلاَنِيَةً. الاستغفار والإكثـــار من العبادات
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، قَالَ: وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ، قَالَ: وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللَّهِ، قَالَ: “أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا؟”، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ “فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ أَوْ قَالَ حَدَّكَ”.. [متفق عليه]، فالأصل أن تستر على نفسك إذا وقعت في ذنبٍ ما، وعليك أن تُكْثِر من الصلاة ومن العبادات والاستغفار وتُجدد توبتك.
مصراوي
مقال عظيم