مع استمرار أزمة السيولة ارتفاع أسعار “الخزن” وعزوف عن الإيداع في البنوك
لازالت أزمة السيولة تتحكم في الاقتصاد برغم تأكيدات رئاسة الجمهورية وتوجيهها بتمكين المودعين من أموالهم وامتدت الأزمة لتشمل جميع الصرافات العاملة في البلاد حتى ان بعضهم لجأ الى ما يسمى بتجارة الشيكات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من تعاملات مالية وتجارية .فالأزمة الحالية جاءت بعد قرار من اجتماع دوري وجه بامتصاص السيولة لتحجيم الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي، إلا أن التوجيه انعكس وبالاً على النظام المصرفي وعلى تعاملات المودعين مع المصارف.
ووصلت الأزمة ذروتها بعد أن أحجم كثير من المواطنين المتعاملين مع الجهاز المصرفي في إيداع نقودهم إلى المصارف وتقليل المركزي ايضاً في تمكين المصارف بالنقد لمواجهة سحوبات العملاء.. الظاهرة مستمرة برزت من خلالها تجارة الشيكات وهروب بعض الأموال من البنوك برغم المتابعة الدقيقة التي اولتها الحكومة لبعض المتعاملين مع البنوك وبعض البنوك كاشفة بذلك مواقع الخلل المصرفي، إلا أن عدم وجود سيولة في البنوك جعل كثيرا منهم بإعادة النظر في التعامل مع المصارف عموماً ولجأ كثيرون إلى اتخاذ تدابير جديدة من ضمنها اللجوء الى الحصول على الخزن لتخزين أموالهم في المنازل والمكاتب عوضاً عن الجهاز المصرفي الذي يتمنع عن عدم وجود نقد بحجة نقصان الكميات الواردة إليه من المركزي او بحجة عدم وجود سيولة .
هذه الأزمة رفعت من أسعار الخزن في الأسواق التي ظهرت بقوة خلال الفترة الماضية حتى إن أسعارها تضاعفت بكثير، ففي جولة الصيحة على بعض تجار الخزن اتضح أنها انواع كثيرة من بينها خزن صغيرة ومتوسطة وكبيرة فالخزن الصغيرة مقاس متر ارتفعت اسعارها من 14 ألفا إلى 32 ألفا والخزنة مقاس 120 سم ارتفعت من 27 الفاً إلى 54 ألفا أما الخزنة الكبيرة مقاس 175 سم ارتفع سعرها من 67 ألف الى 125 ألفاً.
وكان اجتماع رئاسي برئاسة البشير وجه بامتصاص السيولة لتحجيم الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي.. قررمن خلاله الاستمرار في امتصاص السيولة لتحجيم الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي ليتم توظيفها في المشروعات الإنتاجية، بعد ورود معلومات تشير الى سحب مبالغ كبيرة لشراء الدولار، وسبق تلك الإجراءات توجيه الرئيس البشير بالتعامل بصرامة مع مخالفات بعض المصارف والشركات في حصائل الصادرات، وكشف أن هناك عميلا واحداً قام بسحب مبلغ (90) مليار جنيه من أحد المصارف دون تحديد مصدر المال وأوجه صرفه.
وبرر وزير الدولة بوزارة المالية عبد الرحمن ضرار القرار لمواجهة الأوضاع الاقتصادية المتفاقمة والارتفاع في أسعار السلع الاستهلاكية وفوقها سعر صرف الدولار مقابل الجنيه.
واشتكى عملاء من انعدام الصرف من البنوك من حساباتهم وتزايدت الشكوى مع ظهور بيع الشيكات لتوفير النقد ومعالجة بعض مشاكل المضطرين ما جعل الشيك “مخزنًا للقيمة” بدلاً عن الدولار والعقارات التي كانت تمثل مخزناً للقيمة في السابق.
وبرغم نفي بنك السودان في موقعه الرسمي بعدم وجود تغيير في سياسات وإجراءات السحب من المصارف أو تحديد المبالغ المسحوبة وأن البنوك التجارية ظلت تمارس نشاطها المعتاد وأن عمليات السحب والإيداع تجري بصورتها الطبيعية دون التدخل من البنك المركزي بفرض سقف محدد يقيد عمليات السحب.
إلا أن مدير أحد المصارف التجارية “فضل حجب اسمه” قال إن مسلسل تجفيف المصارف من السيولة لازال مستمراً من قبل البنك المركزي ولم يتجاوب مع طلبات البنوك التجارية فيما يخص تغذية حساباتها وكل ما يتم تحصيله لا يفي سحوبات العملاء ما يجعل البنوك تحدد سقفاً للصرف. أما ظاهرة بيع الشيكات وصفها كثيرون بانها ضارة بالأمن ومخالفة لقانون المحاسبات المالية لجهة أنها تزيد من تضخم سعر العملة وتؤثر سلباً على المدفوعات والإيرادات وتؤدي إلى فوضى وانهيار اقتصادي.
ووصف وزير أسبق بالمالية عز الدين إبراهيم اتجاه المصارف بتحديد حجم السحب لدى العملاء بغير القانوني وقال إن السياسة أفرزت نتائج إيجابية في تراجع سعر الدولار لكن بالمقابل أدت الى إهتزاز الثقة في الجهاز المصرفي.
وقال إن تجفيف السيولة في الأسواق وإغراقها يؤدي الى نتائج سلبية، كالتأثير على التضخم وغيرها مما جعل انتشار ظاهرة بيع الشيكات معلوماً، مطالباً بضرورة إيجاد توازن في ضخ السيولة بمقدار معين.
وقال إن المواطنين فقدوا الثقة في الجهاز المصرفي وأصبحوا يحتفظون بنقودهم في المنازل بكميات كبيرة عوضاً عن إيداعها في البنوك، وهذا يعد هزيمة اقتصادية ونقدية التي من أهدافها جلب الأموال إلى البنوك من خارج النظام المصرفي.
ووصف مدير أحد الصرافات “مفضلاً حجب اسمه” الظاهرة بأنها غير حميدة واستغلال لحاجة الناس ودعا إلى امتصاص السيولة من خارج النظام المصرفي حتى لا تؤدي الى المضاربة، مبيناً ان القرار جعل المواطنين يسحبون أموالهم من البنوك ولو بالكسر، وقال كان الناس في السابق يلجأون الى العقارات والدولار لتعظيم الربح والآن لجأوا إلى الشيكات ولديهم ثقة بأن الشيكات ستورد في رصيدهم بعد فترة امتصاص السيولة.
ويرى الاقتصادي الفاتح عثمان أن المشكلة ظهرت حينما ألغي التعامل “بالكمبيالات”وحول الشيك من إداة تحصيل نقدي الى إداة بالديون المؤجلة بالسداد. هذا التصرف أدى إلى إضعاف الشيك برغم أنه محمي قانوناً، ولكن الوضع القانوني نفسه غير سليم لأن المادة التي يكتب بها “شيك آجل لعدم السداد” هي في ذاتها ظلم لأنها تتعلق أصلاً بشيك مكتوب نقداً على البنك بالتالي هو آجل وليس له علاقة بالسداد نقداً.
وأيضاً هنالك إشكالية حقيقية في التعامل بالشيكات على الناس حتى المؤسسات الحكومية ترفض وتطالب بشيك معتمد او نقداً ولهذا يسعى الجميع لسحب أموالهم نقداً كما أن توجه المصارف لعدم إصدار شيكات معتمدة وعدم صرف مبالغ كبيرة يؤدي الى مثل هذه الحالات “فساد” وحالات الفساد عادة تستغل أي ثغرة وظروف غير طبيعية.. وما يحدث من تقييد لصرف السيولة من المصارف بالتأكيد هو حال “نشاذ” والشاذة لديها ردة فعل تسمح لضعاف النفوس الاستثمار في هذا الجو وطالما لديهم سيولة سيستمرون بالمتاجرة بالمبالغ وتحويلها في حسابهم.
وتوقع الفاتح حدوث مثل هذا التصرف، ولكنه بشكل عام لن يؤثر على السياسة النقدية التي تتبعها الحكومة، وبرغم من وجود هذه الحالات المشابهة، إلا أنه وبشكل عام فإن تقييد السيولة مكن بنك السودان من تفادي آثار السيولة السلبية على العملة السودانية “الجنيه” مقابل الدولار، ويقول الفاتح لا نستطيع التأكيد بأن هذا النوع من الممارسة سيفشل السياسة النقدية، ولكن إذا توسعت الظاهرة واستطاعت تحويل مبالغ كبيرة إلى خارج النظام المصرفي حينها نقول إن هذه الظاهرة قد نجحت في إفشال السياسة النقدية لبنك السودان.
ويرى أن البنك المركزي لن يستطيع التحكم في الكتلة خارج النظام المصرفي كما أن حجم السيولة في البنوك ما زال كما هو على الرغم من استفادة آخرين من تحجيم السيولة، وكل ما حدث هو استبدال أموال بأموال وتحويل أموال من حسابات إلى أخرى.
أما المصرفي طه حسين فقد وصف المشكلة بأنها أخلاقية وليست اقتصادية ما يدلل على أن ارتفاع الدولار في السودان في الآونة الأخيرة تبين أن مشكلته مضاربات وسلوكيات أفراد. والآن تحولت سلوكيات الأفراد من الدولار إلى الجنيه، كما أن تدخل الدولة ومنعها تداول النقود أظهر أهمية النقود “كاش ” الأمر الذي يتطلب إلزام القانونيين بإتمام كل التعاقدات عبر الشيكات المصرفية وإلزام كل المؤسسات الحكومية بعدم التعامل نقدًا مع تفعيل التقنية الإلكترونية، وأوضح بأن النقد يستخدم في شراء الذهب بفارق سعر كبير بينه والشيك بما يعادل 200 ألف جنيه للكيلو ما يلقي بحاجة متزايدة له. وطالب بمراجعة طباعة العملة وفقاً للنقد المحلي وشراء الذهب وفقًا للأسعار العالمية والمعايير المحلية، وقال إن الثقة في حجم الشيكات عن طريق المقاصة الإلكترونية بالبنك المركزي زادت بنسبة 200% معتبراً أن النقد المتواجد خارج الجهاز المصرفي يستعمل لممارسات “فرق السعر والكسر والربا” مؤكداً أنه لا توجد دولة في العالم تتداول النقد خارج النظام المصرفي مثل السودان وأضاف الآن هنال 10 آلاف شخص فقط من ضمن 37 مليون تتجمع عندهم النقود.
صحيفة الصيحة.
التحليل لي اجرا ما يكون قبل وقوعة .
هذة الاجراءت غير اقتصادية وانما اجراءت عنترية غير قانونية .
من المعلوم كيف يتم امتصاص السيولة في الاقتصاد لكن من يقوم على امر الاقتصاد في هذة البلد لا يفقة شيئا في الاقتصاد.
هذة البلد تدار بعقلية غريبة جدا .
نتاج طبيعي من تدخل العسكريين في الشأن الاقتصادي