ماذا سيحدث للمهاجرين لو فاز هذا المنتخب بكأس العالم؟
في الوقت الذي يكسب فيه اليمين الشعبوي المعادي للمهاجرين والاندماج مساحات سياسية واسعة في دول أوروبية كثيرة، يتألق عدد من اللاعبين من أصول أجنبية في صفوف تلك الدول وبفضل مجهوداتهم الكبيرة تتواجد فرنسا وبلجيكا وإنجلترا في نهائي مونديال روسيا.
فماذا يحدث لو فازت بلجيكا بكأس العالم أو فرنسا؟ هل تتغير النظرة الساخطة تجاه المهاجرين ويضعف النزعات الشعبوية المتصاعدة في أوروبا؟وهل ستنفتح الأبواب أمام طموحات الآلاف من الشباب المهاجر؟
بعد كل هدف يسجله الكونغولي الأصل “لوكاكو” يرسم بيديه حرف “الألف” وبعد أن تقصت الصحافة السر وراء ذلك عرف البلجيكيون قصة حزينة عن اللاعب الذي منح 11 مليون شخص السعادة في المونديال الروسي.
ويرفع “لوكاكو” حرف” الألف” ليحيي والدته “أديلا”، التي كافحت من أجل تربيته في ظروف في منتهى القسوة.
عاش اللاعب الذي تحول إلى مليونير بعد تألقه في عالم القدم حياة بائسة في طفولته، وكانت والدته تمزج الماء بالحليب، بينما تركض الفئران في أنحاء المنزل.
القصة التي تعكس الواقع المرير الذي يعيشه المهاجرون لم تمنع الكثيرين من النجاح في مجالات مختلفة وبالتالي إثراء المجتمعات التي هاجروا إليها، ومع ذلك تتصاعد نبرة اليمين المتطرف والأحزاب الشعوبية ضدهم!
فهل تتغير معاملتهم في بلجيكا؟وهل تدفع نجاحات هؤلاء اللاعبين المزيد من المهاجرين في الاندماج في المجتمع الأوروبي واتخاذهم كمثل أعلى في النجاح؟
الإجابة بالنسبة للشاب السوداني “ياسر تميم” الذي يعمل في مجال الاتصالات بهولندا بـ”نعم”.
لكن تميم يرى أن ضم مهاجرين إلى الفرق القومية لكرة القدم فقط لن يغير شيئا في مسار الأحداث ونمو التيار الشعبوي في أوروبا في الوقت الراهن.
بسبب اللاعبين الأجانب تحول تميم إلى تشجيع المنتخب البلجيكي، والسبب كما يقول “لأننا نفتقد الإحساس بالانتماء ونحن في أوروبا وخصوصا كونهم مسلمين، فالحنين يتضاعف في الغربه لكل ما يشبهنا”.
مثل تميم يعتقد حسن عوض الله الطبيب المقيم في أمستردام أن “كرة القدم أصبحت “منكهة” بنكهة اللاجئين وأن الهجرة لم تعد هي الصورة النمطية للسفن العابرة للشواطئ، والأسلاك الشائكة، لكنهم أصبحوا نجوما في كرة القدم، وساهموا في إثراء التنوع وضخ دماء جديدة وقطعا سوف يضعف ذلك النزعات الشعبوية في أوروبا”.
لكن الصورة تختلف لدى سليمان الذي يعمل حارسا ليليا، حيث يقول لـ”العربية.نت” إنه “لا يريد أن يبالغ في الشعور بكونه بلجيكيا فهو ينحدر من دولة أخرى وهنالك ظروف دفعته للهجرة وعندما تنتهي تلك الظروف سوف يعود إلى بلاده.
ويدعم سليمان بلجيكا وبعد خروج المغرب وتونس ومصر لأن جماهير هذه الدول تحولت لدعم المنتخب البلجيكي لكن بالنسبة إليه “شيء طبيعي لأن هذا هو البلد الذي نعيش فيه ومن الجيد أن نرى أهله سعداء”.
لكن موقفا حدث مع صديقه في ساحة المدينة عندما كانوا يحتفلون بفوز بلجيكا جعله يعود بغصة في حلقة.
يقول سليمان “كنا نحتفل بالضغط على “كلاكس” السيارة لكن البوليس ضرب زجاج سيارتهم بغلظة وطلب منهم بتجهم أن يكفوا عن الإزعاج”.
لكن صديقه السوداني الموسيقار الصادق شيخ الدين الذي يحمل الجنسية البلجيكية يرى أن البوليس كان يريد أن يسيطر على المشاعر الجياشة التي كانت تسيطر على المشجعين ولم يقصدهم كونهم أجانب.
السعادة التي يجلبها هؤلاء المهاجرون إلى البلدان التي يعيشون فيها من خلال كرة القدم تفسدها ظروف أخرى يسببها أيضا مهاجرون مثلهم.
ويعتقد “الحسين” الطبيب السوداني الذي يعمل في زمالة الأشعة لمرضى السرطان في مدينة “خنت” أن “بلجيكا لو نجحت في نيل كأس العالم سيمدح الإعلام اللاعبين ذوي الأصول غير البلجيكية لكن هذا سيكون لفترة مؤقته ليعاود الهجوم عليهم لأن مشاكل المهاجرين كثيرة خاصة في بركسل مثل جرائم السرقة”، لكن الحسين لاحظ في أعقاب فرحة تأهل المنتخب البلجيكي “أن الشعب يشعر بارتياح كبير ولا يتحدث البلجيك عن أي أمور سياسية والكل يثني على اللاعبين الأجانب.
لكن الموسيقار الصادق شيخ الدين الذي يدرس الموسيقى الشرقية في المدارس متفائل في نهاية المطاف بتغير النظرة تجاه المهاجرين، قائلا “لو فازت بلجيكا بكأس العالم ستكون مهمة الأحزاب المعادية للمهاجرين صعبة جدا في الانتخابات التي ستجرى في أكتوبر القادم، لأنه وببساطه بحسب شيخ الدين لا يمكن أن “تنجح في حشد الكراهية لمن تسببوا في السعادة لشعبك”.
العربية نت