عالمية

“مذيعة القذافي” تكشف أسرار اللحظات الأخيرة وسر اعتماد ” الرئيس” على الحرس النسائي

عرفت بقربها للرئيس الليبي الراحل معمر القذافي حتى أطلق عليها “مذيعة القذافي”، وتارة أخرى عرفت بالمعارضة حتى أنها وجهت لها تهم التحريض على النظام وأنصفها القذافي حسب تأكيدها، وخطفت وسجنت لنحو 6 أشهر، وانتشر خبر مقتلها، وعادت للظهور بعد ذلك في أوغندا.

هي الإعلامية الليبية المثيرة للجدل هالة المصراتي التي خاضت تجربة مليئة بالأحداث منذ اشتعال الأزمة الليبية، خاصة أنها خرجت في إحدى الحلقات التلفزيونية حاملة “مسدس” على الشاشة قالت إنها كانت تدرك أنها مقتولة لا محالة، وأنها كانت تسجل موقفا للتاريخ.

المصراتي كشفت في حوارها مع “سبوتنيك” الكثير من الكواليس والأسرار، وكذلك سبب إصرار الرئيس معمر القذافي على الحرس النسائي، ودورهم في الدفاع عن ليببا بعد هروب الرجال.

بداية كيف تعاملت بعد سقوط العاصمة طرابلس ولما رفضت الهروب؟

عندما سقطت العاصمة، شعرت بأنها تبكي، وعم الحزن كل الوجوه، وبالنسبة لي، شعرت بذلك قبل يوم 21 أغسطس/ آب، وتمنيت الشهادة في نفس اليوم، ولم يتم القبض علي، بل سلمت نفسي.

إلى من سلمت نفسك ولما؟

سلمت نفسي إلى من يسمون أنفسهم بالثوار، أثناء صلاة العشاء في نفس اليوم الذي سقطت فيه العاصمة طرابلس، ويرجع ذلك إلى الالتزام الذي قطعنها على أنفسنا أمام الشعب الليبي طوال فترة الأحداث، والذي حتم علينا عدم الهروب، خاصة أننا كنا نطمئن الشعب طوال الوقت ونطالبهم بالصمود، كما فعل القائد معمر القذافي وقال” أنا هنا وأنا باق”.

وما الذي تم بعد عملية التسليم؟

بعد عملية السقوط أصبت بنوع من الهيستريا، وأثناء خروجي من أحد الفنادق بالعاصمة طرابلس، وكنت أول مرة أرى فيها علم فبراير أو علم الاستقلال، قمت بتسليم نفسي، وأنا كلي يقين بأن الشهادة هي الخيار الوحيد، لكنه لم يحدث، وانتقلنا بعد ذلك إلى مدينة الزاوية (مصفاة الزاوية)، وفي اليوم الثاني عدت إلى طرابلس، وتعرضت لأول عملية خطف من قبل مليشيات الزنتان، ولم يكن هناك مراعاة لحقوق الإنسان، أو آدمية امرأة، وتعرضت للمرة الثانية للخطف من قبل كتيبة ثوار العاصمة، وبعد ذلك خطفت من مليشيات الغرارات.

كم استمرت مدة الخطف؟

استمرت نحو 6 أشهر من كتيبة إلى أخرى، وكانت فترة السجن في المنازل وبين بعض العائلات في سجون سرية.

وما هي المخاطر التي تعرضت لها؟

كانت هناك الكثير من المخاطر فالعاصمة لم تكن آمنة مع إنتشار السلاح والفوضى وتعرضت للسب والقذف والضرب، ووقعت بعض التجاوزات، وكذلك منع الاتصالات نهائيا، ولم أكن أحظى بملابس داخل السجن، وقضيت نحو ثلاثة أشهر بفستانين فقط، كنت أغسل الأول وأرتدي الثاني مبلل ومورس علي نوع من العذاب النفسي مثل تعرضت للتجويع بشكل كبير، وكنت أضع بيض الدجاج في الماء الساخن حتى يتماسك جزئيا ليصلح للأكل، خاصة أن الحارس كان يعطي لي البيض دون علم قائده، وكنت أصنع الخبز بيدي.

وكيف كنت تقضين الوقت داخل السجن؟

في الفترة الأولى كنت محتجزة لدى شخص يدعى “ناصر مقاتل” أحد قيادات طرابلس في 2011، وأحضر لي جهاز كمبيوتر وطلب مني أن أكتب له بعض المقالات، وكانت الخطابات التي يلقيها من كتابتي، حيث اضطرني الأمر إلى الجلوس نحو 10ساعات لكتابة المقالات والخطابات.

قلت أنك حاولت الانتحار فما الذي حدث وقتها؟

بالفعل بعد فترة من انقطاع التواصل مع الأهل، والضغوط النفسية الكبيرة، دفعتني إلى التفكير في الانتحار، وكان أحد الشباب الموجودين بالمكان مصاب بالصرع، فتناولت جرعة كبيرة من الأدوية الخاصة، وذهبت إلى “مصحة المختار” في 20أكتوبر، وهناك خطفت من داخل المستشفى، وأصبحت لدى كتيبة أخرى، كانت أكثر احتراما، وهي الكتيبة الوحيدة التي عاملتني بشكل جيد، وبعد أيام خطفت منهم مرة أخرى.

وما الهدف من كل عمليات الخطف؟

كيف خططت لعملية الهروب من ليبيا؟

اثناء احتجازي لدى إحدى الكتائب التي كانت أكثر سهولة في التعامل، سمحت بزيارة بعض الأشخاص، حيث أحضر أحدهم “الهاتف المحمول والشرائح وتركهم معي فأخفيتهم، وبدأت التواصل مع بعض الشخصيات في الخارج سرا، خاصة أن فترة السجن كلها لم يتم التحقيق معي، وأذكر أني ذهبت إلى النائب العام وطلبت منه اطلاعي أو إخباري بالتهمة الموجهة لي، لكنه أفاد بأنه لا يوجد ضدي أي تهمة، ثم تسلمني وسجنني في عيادة كلاب بوليسية.

وما الذي حدث بعد ذلك وماذا عن شائعة مقتلك؟

جاءت كتائب من مصراتة، رافضين سجني في تلك العيادة، ونقلت إلى إحدى الشقق بوسط المدينة، ولم أتمكن من تحديد المكان، وبعد فترة أقنعت أحد الحراس برغبتي في رؤية الشمس، وبعد ذلك حددت المكان من خلال صالون نسائي، ثم تواصل عدد من المهتمين بحقوق الإنسان مع النائب العام الذي رفض الإعلان عن مكان احتجازي أو أني لديهم، فلجأت إلى حيلة تسريب مقتلي داخل السجن، ومن ثم أقترح أحد الأشخاص أن أسجن بين العائلات، وبعد الانتقال إلى السجن الجديد بـ”حوازة البطاطا”، ساعدتني بعض العائلات هناك إلى الانتقال إلى بني وليد ومن ثم إلى جنزور، ومن ثم إلى تونس، وانتقلت بعد ذلك إلى أوغندا.

وما الذي دفعك إلى الإقامة في أوغندا؟

أنا لم أفضل أوغندا عن غيرها، لكن كانت هناك دعوة من الرئيس الأوغندي بإمكانية استقبال كل الذين أجبروا على ترك ليبيا، والاستقرار هناك، وكان السفير الليبي هناك من يقوم بعملية التنسيق والاستقبال.

ما التهمة التي وجهت إليك ليضعوا اسمك على قوائم الإنتربول؟

هم حاولوا الانتقام مني بعدما هربت، وكان الهدف هو الإمساك بي وليست المحاكمة، وذكروا أنها جنحة متعلقة بتضليل التحقيقات، وهي سابقة من نوعها في تاريخ الإنتربول، وقالوا إنني حرضت على القتل إلا أنه لم يحدث، باستثناء رفع السلاح، ولم توجه لي أي تهمة من الإنتربول، و لم تحقق معي أي جهة كما أنني لم أسجن في أي سجن نظامي، كلها كانت سرية، وهو ما يؤكد زيف الادعاءات والاجراءات التي حاولوا فعلها.

هل تعدين بعض الكتب عن تلك الفترة؟

بالفعل لدي مذكراتي “من السجن إلى المنفى” وكتاب ” ما بين الأمس والغد” ولدي رواية ومجموعة قصص قصيرة، أما للقمر وجه أخر، ونظرة بيضاء نظرة لا تكذب فهم صادرين ما قبل الأحداث، إلا أني أعدت طباعتهما مجددا.

البعض يقول أن ما حدث في ليبيا هو ثورة والبعض يقول مؤامرة؟

كل ما حدث في ليبيا والوطن العربي هو مؤامرة كبرى بداية من العراق وسوريا وليبيا، وكل الدول العربية التي يستفيد منها الغرب وبعض الدول العربية التي اتحفظ على ذكرها.

ما هي أسباب الصراع الدولي حول ليبيا؟

الموقع الجغرافي والاستراتيجي والثروات الليبي وعلى رأسها النفط، كلها أسباب تدعو للصراع بين تلك الأطراف، وهناك عدة دول تسعى لعودة الاستعمار مرة أخرى، خاصة أن معظم الدول تستفيد من الفوضى الموجودة في ليبيا.

أين دور النخب السياسية والثقافية الليبية فيما يحدث؟

في الحقيقة أن من يحترم نفسه في هذه الفترة يختفي، خاصة أن المليشيات لم تترك هيبة إلى أحد منذ قتل العقيد معمر القذافي، وبثها بهذا الشكل، يؤكد أن لا هيبة لأحد.

هل يمكن أن لمشايخ القبائل دور فاعل؟

بالتأكيد لم يعد لأي قيادة او شيخ هبية هيبة في الداخل، ولو كان لهم كلمة على الأبناء ما كان الوضع بهذا الشكل الذي نراه.

ما الذي يجرى في العاصمة طرابلس؟

من وجهة نظري أراها انتفاضة لصالح الشعب وأتمنى أن تنجح، ويمكن أن تغير الأوضاع، من خلال القضاء على تجار الأزمات الذين يستغلون الحرب في كافة الأمور المعيشية.

لماذا كان يستعين الرئيس معمر القذافي بالحرس النسائي؟

ربما لأن النساء أكثر إخلاصا من الرجال، وهو كان يحترم المرأة كثيرا، ويدعمها في كافة المجالات، كما أنه كان يثق في آراء الكثيرين ممن يستشيرهم من الرجال والنساء، وأذكر أن النساء ظلت تدافع وتقاوم في الوقت الذي هرب فيه الرجال.
معمر القذافي

حسب ما هو معلوم أن كل الأموال في الخارج باسم الدولة الليبية، خاصة أنها أموال الشعب سواء كانت استثمارات أو حسابات مالية، وكان القذافي لديه رؤية في هذا الأمر، ويرى أنه من باب توسع للدولة الليبية.

هل يمكن أن تعود هذه الأموال مرة أخرى؟

بعض هذه الأموال تم تجميده وبعضها تم تخصيصه، كما نهبت بعض الأصول والاستثمارات والحسابات المالية.

هل لازال تيار القذافي موجود في الداخل الليبي أم في الخارج؟

عقائديا لا يزال موجودا، لكن على الأرض غير فاعلين، لعدم وجود مشروع حقيقي في الوقت الحاضر.

من يمتلك الرؤية للخروج من الأزمة الراهنة؟

إلى هذه اللحظة لا أرى من يمتلك المشروع الحقيقي، خاصة أن معظم الأطراف تستفيد من تلك الفوضى، ومشهد الاقتتال، ومنهم الناهبين والمليشيات، ولا يريدون العمل من أجل الوطن والمواطن.

كيف تقيمين المشهد الإعلامي في ليبيا؟

الفوضى تسيطر على المشهد الإعلامي في ليبيا، فكل قناة أو موقع إخباري يتبع لجماعة أو توجه، يخدم هذا التوجه بشكل كبير.

أين رجال القذافي الآن؟

رجال القذافي ما بين فقيد وشهيد وسجن بعضهم، ومنهم من سرق أموال الشعب الليبي وهرب ووضع رأسه تحت التراب.

سبوتنيك