سياسية

وجدت انتقادات هتافات المتظاهرين.. من يصنعها


شعارات وهتافات ومفردات ونصوص صادمت بعضها البعض في سياق الاحتجاجات التي تكتنف البلاد في الفترة الماضية.. الصدام لم يكن تضادا أو تناقضا في الموقف بل وتجلّى بين فريقي المعارضين للحكومة والمؤيدين لها، فبرز شعار المحتجين (تسقط بس) قبل أن يتصدى له شعار المؤيدين (تقعد بس).. لتدور التساؤلات في خضم حالة الاستقطاب الحادة التي تعيشها البلاد من يصنع الشعارات وينحتها؟

ضربة البداية

في وقت مبكر من فجر الجمعة الحادي والعشرين من ديسمبر الماضي فوجئ السودانيون بإجراءات مجهولة المصدر بحسب الحكومة تسببت في تراجع سرعة الإنترنت بالبلاد؛ وحجب مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن باتت منصات إعلامية بديلة لنقل الاحتجاجات، فأرسل شاب إلى حبيبته رسالة نصية قصيرة قائلا فيها: (حكومة تحرمني منك، تسقط بس).
لاحقا تم تداول الرسالة على موقع الفيسبوك مع هشتاق “تسقط بس” مصحوبا بالأسباب الذاتية لكل شخص يطالب بإسقاط الحكومة.
تزامن ذلك مع تحول الاحتجاجات من مطلبية تندد بارتفاع أسعار الخبز وغلاء المعيشة لاحتجاجات سياسية تنادي بإسقاط النظام وبروز أسماء وأحزاب وناشطين في المشهد، ترفع ذات الشعار، واعدة بحل الأزمة الاقتصادية خلال أسابيع.

لقد أدت السويشال ميديا دورا كبيرا في توحيد الوجدان في السودان والالتفاف على شعارات تلهب الحواس لقيادة أضخم احتجاجات مؤخرا.

ابتكار عفوي

كثيرون يذهبون إلى أن الشعارات التي يرفعها المحتجون تنتج عن عبقرية شعبية ليتم إنتاجها بعفوية من التراث الشعبي. ويرى البعض أن تلك الشعارات العفوية تتشابه مع (أغاني البنات) التي لا يُعرف لها شاعر أو شاعرة محددان، ويتم تأليفها في كثير من الأحيان بشكل جماعي، مثلما هو الحال في هتاف “تسقط بس” الذي اكتسب وقع خاص بعد إضافات وأداء الناشطة مروة جبريل إبراهيم في احتجاجات لندن وبات نغمة للهواتف الجوالة.

الإيقاع والمدلول

الكاتب الصحفي نجيب نور الدين يذهب في حديثه لـ(السوداني) إلى أن شعار “تسقط بس” يعبر عن لهجة شباب اليوم أو ما يعرف بالـ(فور جي) ويتلائم مع لغة الهشتاق القصيرة، بل إن مناصري الحكومة وقعوا تحت تأثيره واستخدموا شعار بذات الشروط فكان المضاد “تقعد بس”.
في المقابل وجد شعار “تسقط بس” انتقادات لاعتبارات تتعلق بكونه قطعيا ولا ينظر إلى ما بعد السقوط، وطبقا للنجيب فإنه يعبر عن جيل لم يرث سوى الفكر الإقصائي المُغلق، مما خلق عقولا غير قابلة للمُساومات ولا ترضى بالتنازلات، فلن تصل إلا لمعادلات صفرية.

من جانبه يرى المحلل محمد سليمان في حديثه لـ(السوداني) أن هذا الشعار يعبر بامتياز عن الشباب الذين يقودون الحراك الشعبي حاليا ويعتمدون على شعارات وهتافات تنتج وفقا لواقعهم اليومي المعاش، وأضاف: أي انتقادات لهذه الهتافات لا تقوم على دراسة متعمقة لواقع وطريقة تفكير الشباب باعتبار “تسقط بس” يعبر عن حالة الرفض العام للحكومة وسياساتها بسبب الإقصاء والكبت الذي تعرض له الشباب طوال السنوات الماضية.
فيما يذهب الصحفي والناشط في مواقع التواصل الاجتماعي علاء الدين محمود في حديثه لـ(السوداني) إلى أن هتاف “تسقط بس” يعبر عن حالة ضيق شديد من انسداد الأفق بحيث لا يرون أي بارقة أمل في أي مستقبل إلا بسقوط الحكومة باعتبارها تقف حجر عثرة أمام أي فعل.

رؤية وتحليل

في أحيان كثيرة يكون من الصعب تتبع مصدر الشعار كما هو الحال في هتاف “الطلقة ما بتقتل بقتل سكات الزول” الذي يكسر حاجز الخوف هذا الهتاف الذي يتردد في أرجاء الشارع السوداني هو بيت شعر من قصيدة لا يعرف بالتحديد من صاحبها، إذ أن هناك أكثر من شاعر ينسب هذه القصيدة لنفسه ومن بينهم الشاعران زهير الشامي ووئام كمال، إلى جانب الشاعر “عزام التوم”، الذي قيل إنه كتبها خلال احتجاجات عام 2013م وكان النص الأصلي يقول: “الطلقة ما بتحرق بيحرق سكات الزول”، ويبدو أنه طالتها بعض التعديلات من الشاعر أو من غيره لتصل للهتاف الحالي.
بينما يوردها كثيرون في وسائط التواصل الاجتماعي منسوبة للشاعر المرحوم محمد الحسن سالم حميد.

نقطة التقاء

بينما يختلف الأمر قليلا مع شعار “حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب” المقتبس من أشعار الراحل محمد الحسن سالم حميد ذي النزعة اليسارية الذي يمثل برنامجا سياسيا عريضا، وكان يردد قبل انفصال الجنوب “…والوحدة خيار الشعب”، إلا أنه تغير ليتناسب والأوضاع الجديدة خاصة في احتجاجات سابقة.
علاء الدين محمود يرى أن هتاف “حرية سلام وعدالة” هو الأقوى لأنه يعبر عن مطالب السودانيين مجتمعين ويضع شروط العيش المشترك، فهو نقطة الالتقاء الحقيقية بين كل السودانيين في تعددهم الثقافي والإثني.

ويمكن أيضا الرجوع بذات التاريخ لمراجعة استخدام شعارات الربيع العربي الشهيرة “الشعب يريد إسقاط النظام” و”ارحل” لصالح الشعارات المحلية.
المحلل السياسي محمد الفكي سليمان يرى في حديثه لـ(السوداني) أن ذلك يرجع لعدة محددات أبرزها أن الاحتجاجات باتت منظمة بشكل أكبر وليست عفوية، ويضيف سليمان أن السودان يختلف عن المحيط العربي بخصوصيته الثقافية وإرثه السياسي بوصفه رائد الثورات في إفريقيا والعالم العربي ولديه إرثه السياسي الخاص.
ويقول المحلل محمد سليمان إن الهتافات تتنوع لتعبر عن قطاعات واسعة تشارك في التظاهرات، ويشرح حديثه أكثر ليضيف أن شعار “حرية سلام وعدالة” يعبر عن برنامج سياسي ومطالب للقوى المدنية منذ استقلال السودان 1956.

نجيب نور الدين يلفت إلى أن شعارات الثورات السابقة مثل أكتوبر 1964 التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق إبراهيم عبود عبرت عن لغة ذلك العصر سواء من خلال “إلى الجحيم يا عبود” او “جيشا واحد شعبا واحد” فيما كانت شعارات مارس أبريل 1985 تعبر عن عنف تلك تلك الحقبة عبر شعارات مثل “مليون شهيد لعهد جديد” أو “سلمية سلمية” و”سقطت سقطت” اللذين تسربا للاحتجاجات الحالية.

السوداني.


‫2 تعليقات

  1. نسيتو أهم شعار
    سلمية سلمية ضد الحرامية
    بس طبعا جريدة السوداني بقيادة جنابو ضياء ما بتحب تزعل الحرامية

  2. ونسيتو اهم هتاف
    ياعنصري المغرور كل البلد دافور
    ونشيد الوطن!!!
    ومرقنا مرقنا مرقنا ضد الناس الكتلو ولدنا