سياسية

نتنياهو : الطوق الإسرائيلي يحاصر الخرطوم


لم يفاجئ نتنياهو العالم بزيارته الى تشاد ولكنه أحدث زلزالا سيكون له أثر كبير على المنطقة الافريقية، إذ قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنه أخبر الرئيس التشادي ديبي، أن زيارته إلى دولة تشاد لها مدلول خاص، لكونها دولة ذات أغلبية إسلامية تسعى لإقامة علاقات مع إسرائيل. وكتب على (تويتر) قبل زيارته الى انجمينا امس الأول: (قلت للرئيس التشادي، إن هناك دلالة خاصة في كون تشاد دولة ذات أغلبية إسلامية تسعى إلى إقامة أواصر الصداقة مع إسرائيل). وأضاف: (هناك دول عديدة مثل هذه الدولة، تؤمن بمستقبلكم، وتؤمن بمستقبلنا، كما أؤمن أيضا بمستقبل الصداقة، التي تجمعنا). ربما الزيارة فتحت خلفيات كثيرة لمشهد العلاقات الإقليمية ومشهد الصراع وتقاطع المصالح في المنطقة بالتالي الحديث حول وجود اسرائيل في المنطقة وأثره على السودان وان السودان أصبح محاصرا بالطوق الإسرائيلي .
ثمة أمر آخر وهو أن زيارة نتنياهو الى اسرائيل لفتت الانتباه الى زيارة توقف فيها الرئيس التشادي أخيرا بالخرطوم، واستقبله الرئيس البشير ربما تلك الزيارة فتحت الأبواب امام تساؤلات للمراقبين حول علاقتها بالأمر والتي تعد الأولى لديبي بعد عودته من اسرائيل وقبل زيارة نتنياهو الى انجمينا.

الدخول بالباب

غير أن نتنياهو كتب في تدوينة أخرى: (إسرائيل تدخل إلى العالم الإسلامي، وهذه هي نتيجة عمل مكثف قمنا به على مدار السنوات الأخيرة. نحن نصنع التاريخ ونحول إسرائيل إلى قوة عالمية صاعدة). وأضاف: (هناك من حاول تعويق هذه الزيارة وزيارات أخرى ولكنه فشل، ونواصل المضي قدما في طريقنا إلى قمة الجبل، إلى قمم جديدة). وفي تدوينة سابقة قال نتنياهو: (نعلن اليوم عن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع تشاد وهي دولة عملاقة الحجم تقع في قلب أفريقيا، وندخل إلى العالم الإسلامي ويتم استقبالنا هنا بكل حفاوة واحترام مثلما استقبلنا بكل احترام الرئيس ديبي في إسرائيل».

موافقة سودانية

فى سياق متصل، ذكرت صحفية (جورزاليم بوست) الإسرائيلية أن السلطات السودانية التي لا تزال تحتفظ بسلطة المراقبة الجوية على جنوب السودان، وافقت على مرور طائرة نتنياهو خلال رحلة عودته من تشاد عبر أجواء جنوب السودان، وقالت إن موافقة الخرطوم على مرور طائرة نتنياهو جاءت بعد طلب الخطوط الجوية الكينية من الحكومة السودانية ذلك، بحسب ما ذكرت «القناة 12» في التلفزيون الإسرائيلي. ولم يصدر تعليق رسمي من جانب الخرطوم. وتعد هذه المرة الأولى التي تطير فيها طائرة إسرائيلية في المجال الجوي لجنوب السودان، رغم العلاقات الدبلوماسية بين تل أبيب وجوبا. واستغرقت رحلة عودة نتنياهو من تشاد 7 ساعات، حلقت فيها الطائرة شرقا فوق المجال الجوي لجمهورية أفريقيا الوسطى والجنوب ، ثم شمالا فوق المجال الجوى لإثيوبيا وإريتريا ثم البحر الأحمر وصولا لإسرائيل. وكانت طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي قد اضطرت في رحلة الذهاب لسلوك مسار أطول جنوبا، شمل الطيران فوق المجال الجوي لكينيا وأوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، لعدم الحصول على موافقة السودان في ذلك الوقت، وفقاً لصحيفة (جورزاليم بوست).

الخرطوم تدير الأجواء

ورغم ان مسؤولية الرد على السؤال لوزارة الخارجية لكنا رأينا ان يكون الرد من ناحية فنية سلطة الطيران المدني التي قال الناطق الرسمي باسمها عبد الحافظ عبد الرحيم لـ(الإنتباهة) أمس ان اتفاقية ادارة أجواء السودان وجنوب السودان موقعة في مطلع اكتوبر 2016 في الجمعية العمومية لمنظمة الطيران المدني الدولي رقم (39) بمنتريال، وقال ان السودان وبحسب مسؤولياته الدولية يدير الأجواء فوق جنوب السودان من ناحية السلامة الجوية فقط، وقال ان تلك الاتفاقية لا تعطي السيادة للسودان وانما هي لدولة الجنوب وان سلطة الموافقة سيادية لدولة الجنوب وليس من السودان ، واكد ان العبور ما هو إلا تطبيق والتزام بنص الاتفاقية ومسؤولية السودان الدولية بالاتفاقية، واكد ان تلك الاتفاقية وقعت بين سلطة الطيران السوداني وادارة الطيران في جنوب السودان بإشراف المنظمة بان يضمن السودان المسؤولية الدولية للسلامة الجوية .

اتفاقية منتريال

وأوضح حافظ ان الطيران المدني لدولة جنوب السودان طلب الادارة الفنية لسلامة الأجواء من خلال اتفاقية وقعت في منتريال باشراف منظمة الطيران المدني الدولي ولضمان سلامة الأجواء لجهة ان الجنوب عاجز عن ادارة اجوائه ، وان مركز الملاحة الجوية للسودان هو الذي يرعى مرور الطائرات وضمان سلامة الاجواء في جنوب السودان بموجب اتفاقية دولية، وأما الاذن او الموافقة سلطة سيادية لحكومة الجنوب بالتالي الاجراء لا يتناقض مع السيادة ، وأكد ان السودان لم يوافق واعتبر ذلك كلاما غير صحيح. وقال ان الطائرات العابرة لجنوب السودان يضمن السودان سلامتها لان المنظمة الدولية تطالب الطائرات بان تأتي بالارشاد، وقال (وكانوا قد حاولوا بعض الدول ولكنها عجزت عن ذلك).

إدارة السلامة

هنالك حديث أطلقه نتنياهو في مرة ماضية قال فيها (سوف نتمكن من عبور السودان)، ولكن حتى يتمكن نتنياهو من عبور أجواء السودان هنا لابد من ترتيبات للعبور ولا يمكن لاية طائرة كانت عابرة للأجواء الدولية لاية دولة دون تلك الترتيبات بالتالي العبور يعني الامداد بالمعلومات للطيران حتى يسمح للعبور وهو يعني معلومات، وفي حالة رفض الدولة عبور الطائرات يعني منعها من الحصول على المعلومات وفي حالة الاختراق يمكن للدولة استخدام القوة لردعها وكون منع الطائرة من المعلومات تعني مخاطرة كبيرة، جدا بالتالي الطيران المدني بحسب التصريحات السابقة تشرف على السلامة الجوية في دولة الجنوب من مركز السلامة الجوية في السودان لجهة ان لديه تغطية لكل أجواء السودان القديم. وبالتالي من الصعوبة اختراق الأجواء من غير اذن. ولذلك من الخطورة في حالة عدم الحصول على المعلومات من حدوث اصطدام بين الطائرات في الأجواء وان مهمة الملاحة الجوية والعبور الفصل بين الطائرات في الجوء وهو أمر صعب جدا والامر الآخر ليس من السهولة مغامرة طائرة مدنية باختراق الأجواء حفاظا على سمعتها وقد تدخلها في مشكلة عالمية وهي مغامرة والقانون الدولي يمنع ذلك رغم انه يشجع ان تكون الأجواء مفتوحة ورغم ذلك لكل بلد الحق في عدم السماح للطائرات بالمرور إلا بإذن لذلك قد تأخذ الطائرات خطاً آخر للمرور.

تأثيرات سلبية

وقال المحلل السياسي والعسكري اللواء د. محمد الامين العباس لـ (الإنتباهة) اللقاء له تأثيرات سلبية وفي المستقبل ستكون لها تأثيراتها الجانبية لجهة ان تشاد لها نسبة عالية من المسلمين وبالتالي برز موقف تشاد في القضية الفلسطينية وتحييدها، وأضاف أن المشاكل العالمية اصبحت معقدة والتكتلات كذلك والموارد محدودة وباتت مطالب الدول الكبرى واضحة وكلمتها كذلك، مشيرا الى مطلب الرئيس الامريكي للسعودية بأن أمريكا تحتاج الى الأموال. وزاد :هناك تأثيرات قد تكون سياسية أو عسكرية او اقتصادية للزيارة وكلها ستمضي نحو السودان، مشيرا الى خروج السودان من مشكلة الجنوب ولكن ليس من المستبعد خروج نفس المشكلة بثوب جديد، وقال المسألة الثانية قضية دارفور لان كل ما يقال عنها عبارة عن مسائل نظرية ليس فيها حلول تؤدي الى حالة الاستقرار ، ومن ناحية اقتصادية تشاد ليس لديها مخرج آمن غير السودان، ولكن هل ستكون المرونة كافية للتعامل مع الشركات الاسرائيلية والعمل في إطار سياسة اقتصادية لجهة ان السودان الدولة الوحيدة التي تشكل هاجسا بالنسبة لإسرائيل واي خلل في تلك العلاقات قد يؤدي ان تأخذ شاد موقفا عدائيا من السودان لان هنالك شركات لها منافع.

تجديد العلاقات

وبحسب القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي بأن رئيس الوزراء نتنياهو الذي وصل العاصمة أنجامينا، صباح امس الاول ، أعلن عن توصله لاتفاق مع رئيس تشاد على تجديد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وهي دولة عملاقة الحجم تقع في قلب إفريقيا. وقال نتنياهو في تصريحات أدلى بها خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده مع الرئيس التشادي ديبي قال ندخل إلى العالم الإسلامي ويتم استقبالنا هنا بكل حفاوة واحترام مثلما استقبلنا بكل احترام الرئيس ديبي في إسرائيل.
وكانت عدة دول أفريقية قطعت علاقاتها مع إسرائيل بضغط من البلدان الأفريقية المسلمة، إثر حرب 1967، ثم حرب أكتوبر 1973.

طائرة نتنياهو

كشفت الإذاعة الإسرائيلية، امس أنّ طائرة رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفي طريق عودته من تشاد، عبرت أمس الاول، أجواء دولة الجنوب ، الأمر الذي قصّر مدة رحلة العودة ساعةً واحدة على الأقل. وجاء هذا الكشف، في وقت لمّح فيه نتنياهو أخيراً في أكثر من مناسبة إلى قرب قصر مسارات الرحلات الإسرائيلية، بحيث تمر هذه الرحلات من فوق أجواء السودان وتشاد في طريقها إلى هدفها النهائي.

ثلاثة مكاسب

وبرأي مراقبين أن زيارة نتنياهو الى تشاد توصلت لتحقيق ثلاثة مكاسب منها فصل العلاقات مع الدول الإسلامية عن القضية الفلسطينية الى جانب التواجد الاستراتيجي في وسط أفريقيا بالاضافة إلى تحييد عداء الأفارقة بالأمم المتحدة ، واعتبرت صحيفة (جورزاليم بوست) الإسرائيلية أن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتشاد وإعلان تطبيع العلاقات بين تل أبيب وانجامينا لتنهي قطيعة بين البلدين استمرت منذ عام 1972، يبعث برسالة مفادها أنه من الممكن فصل العلاقات مع الدول الإسلامية عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وقالت الصحيفة فى تقرير لها أمس الاول، إن إقامة علاقات مع تشاد وهي دولة ذات أغلبية مسلمة قطعت علاقاتها مع إسرائيل قبل 47 عاما بضغط من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، توضح فك الارتباط بين مسألة إقامة إسرائيل علاقات مع الدول الإسلامية من جهة، والقضية الفلسطينية من جهة أخرى. وأضافت الصحيفة أنه (إذا كانت تشاد قادرة على القيام بذلك، فربما يمكن لدول جنوب الصحراء الكبرى الأخرى التي لا تقيم معها إسرائيل علاقات دبلوماسية – مثل مالي والسودان – القيام بذلك أيضاً).

تحييد أفريقي

ونوهت (جورزاليم بوست) إلى أهمية البعد الدبلوماسي من وراء تلك العلاقات، مشيرة إلى أن الدول الإفريقية الـ54 تشكل كتلة تصويتية مهمة في الأمم المتحدة التى تضم 193 دولة، موضحة أن تحييد عداء الدول الأفريقية، وجعلها لا تصوت ضد إسرائيل يقلص الأغلبية التلقائية التي طلما تمتع بها الفلسطينيون لفترة طويلة في المنظمة الدولية. وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد شهر من زيارة الرئيس التشادي إدريس ديبي لإسرائيل في نوفمبر الماضى، امتنعت بلاده عن التصويت في الأمم المتحدة على قرار يدين حركة حماس الفلسطينية، علما أنها كانت دوما تصوت ضد إسرائيل. وتابعت الصحيفة أن (تشاد انضمت بذلك إلى نصف الدول الأفريقية فى المنظمة الدولية، التي لم تصوت للفلسطينيين، ما يمثل تغييرا كبيرا في أنماط التصويت).

فائدة استراتيجية

وبحسب (جورزاليم بوست)، فإن علاقة إسرائيل مع تشاد تحقق لتل أبيب أيضا فائدة إستراتيجية، فتشاد تقع على الحدود مع ليبيا والسودان، مما يمنح إسرائيل قدرة أفضل على مراقبة التطورات في كلا البلدين. وزعمت الصحيفة إنه حتى قبل بروز خلافات بين السودان وإيران في عام 2016، كان السودان عنصراً أساسياً في قدرة إيران على تهريب الأسلحة إلى غزة، لذا تبرز أهمية أن يكون هناك وجود لإسرائيل في وسط أفريقيا، لأن تلك المنطقة لو تركت دون مراقبة يمكن استخدامها بطرق معادية لمصالح تل أبيب.
فى المقابل، رأت الصحيفة أن تشاد التى تحارب جماعة (بوكو حرام) فى منطقة بحيرة تشاد، تريد الاستفادة من خبرة إسرائيل في مجال الأسلحة والأمن والمعلومات المخابراتية، فضلا عن الاستفادة من الخبرات التكنولوجية الإسرائيلية فيما يتعلق بالمياه والزراعة، كما تعد تل أبيب بوابة لتحسين علاقاتها مع واشنطن.

اختراق خطير

وقالت الكاتبة الصحفية المصرية، أسماء الحسيني، إن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى تشاد لها هدف دبلوماسي تسعى إليه إسرائيل بتعزيز
العلاقات مع الدول الإفريقية، بكسب الأصوات في مجلس الأمن وبالجمعية العامة للأمم المتحدة وفي المنظمات الدولية. وأضافت الحسيني
لبرنامج (وراء الحدث) على فضائية الغد أن إسرائيل تحقق أكثر من نتيجة بعلاقاتها بالدول الإفريقية، مؤكدة أن ما حدث من زيارة نتنياهو لتشاد هو اختراق خطيرا، خاصة أن تشاد في وسط وغرب أفريقيا ودولة كبيرة ذات أغلبية مسلمة وتحدها شمالاً ليبيا ومن الشرق السودان. ونوهت الحسيني أن الرئيس التشادي زار إسرائيل في نوفمبر الماضي وأعلن أنه لن يدخر جهدا لتطبيع العلاقة بين تل أبيب والخرطوم، وهو ما يعني أن الحديث عن الاختراق والتطبيع ليس عن تشاد فقط، وإنما عن مصالح أخرى عديدة لإسرائيل في المنطقة، ورأت أن إسرائيل تضع عينها على السودان وليبيا ومصر، وتعمل على بتر أطراف العالم العربي.

في كل مكان

وعقب الإعلامي المصري عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية» ان (إسرائيل مبتقعدش، وتتوسع، ولا تنظر للدول على أنها صغيرة أو كبيرة)، مضيفا: (إسرائيل داخلة سباق، وعايزة تتواجد في كل مكان).

صحيفة الانتباهه.