عالمية

الزواج المدني يثير جدلا واسعا في لبنان ورفض قاطع من دار الفتوى

أثار تصريح وزيرة الداخلية ريا الحسن ردود فعل واسعة في لبنان، حول نيتها فتح باب حوار جدي في ملف الزواج المدني مع كل المرجعيات، حتى يتم الاعتراف بهذا الزواج.
وانقسم اللبنانيون حول هذا الملف، بين من يعتبره حقا وأساسا لبناء الدولة العلمانية، وبين من يعتبره محرما وفق الديانات السماوية.
عدم وجود قانون موحد للأحوال الشخصية

ويتميز لبنان بلد 18 طائفة بعدم وجود قانون موحد للأحوال الشخصية، كل طائفة لها قوانينها ومحاكمها الخاصة، في ظل الرفض القاطع لمشروع الزواج المدني الإختياري من قبل رجال الدين.

في حين يلجأ اللبنانيين الراغبين بعقد القران وفق الزواج المدني إلى قبرص أو اليونان نظرا لأن القانون اللبناني لا يجيز عقد القران على الأراضي اللبنانية إلا أنه يعترف بالزواج المدني المبرم خارج الأراضي اللبنانية وفق المادة 25 من القرار رقم 60 ل.ر..

يعود طرح الزواج المدني لأول مرة عام 1951 في مجلس النواب، حيث تم رفضه، وفي العام 1999 ناقش مجلس الوزراء مشروع قانون الزواج المدني و تمت الموافقة عليه بالأغلبية، إلا ان الملف لم يقدم إلى البرلمان للتصديق عليه.

أول زواج مدني في لبنان

وعلى الرغم من توقيع وزير الداخلية والبلديات مروان شربل عام 2013 على تسجيل أول عقد زواج مدني لنضال درويش وخلود سكرية، إلا أن عقد زواجهما لا زال عالقا في دوائر الأحوال الشخصية، وذلك بسبب غياب أي نص قانوني مدني نافذ يرعى أحكام هذا الزواج، ويحدد الإجراءات والآليات والمستندات المطلوبة لعقده وبته.

واشترط الوزير شربل آنذاك عدم تغيير طائفة درويش وسكرية وأكد على التزامهما إتباع قانون الاحوال الشخصية المعمول به في لبنان وذلك لضمان حقوقهم، الى حين صدور قانون ينظم الزواج المدني.

مشروع الزواج المدني خطوة شجاعة لن تبصر النور

يرى عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب غازي العريضي أن مشروع الزواج المدني في لبنان لن يبصر النور في الظروف الحالية.

وقال العريضي ل”سبوتنيك”:”أهنئ الوزيرة ريا الحسن على موقفها الشجاع والمنطقي والعقلاني، وردات الفعل طبيعية جداً، لم يتغير شيء، المواقع الدينية في البلد التي نحترم ونقدر لها وجهة نظر في الموضوع، و رأيي أنا دون دخول في النقاش الديني ومن الناحية العملية والمبدأية يعلم المعنيون من رجال الدين والمعنيون من الرجال الذين يتعاطون السياسة أن الزواج المدني يتم بقوة في الخارج ويسجل في لبنان، ومنذ أن طرح هذا الأمر في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي والرئيس الشهيد رفيق الحريري، وحتى الآن الأرقام خيالية لناحية زيادة عدد المتزوجين مدنيا”.

وأضاف:”بالتالي نحن كمن يهرب من الحقيقة، اللبنانيون يذهبون إلى قبرص للزواج مدنيا ويعودون ويسجل الزواج في الدوائر الرسمية اللبنانية، هذا على مستوى الإختلاط بين الطوائف، وثمة من داخل الطائفة نفسها من يختار الزواج المدني ولا يذهب إلى الزواج على قاعدة الأحوال الشخصية التي تخص المذهب المعني، لذلك العملية إختيارية ليست مفروضة على أحد، ويترك الحرية للناس لمن يختار هذا الخيار، بإمكانه أن يقوم به ومن لا يريده لأي سبب من الأسباب ليس ثمة أحد يلزمه به”.

ولفت العريضي إلى أن “هذا المشروع لن يبصر النور في الظروف الحالية، ثمة مصالح مالية ومواقف إن صح التعبير دينية، وبين هذين الأمرين ندخل في حالة من المزايدات والشعبوية “.

الزواج المدني يخالف أحكام الشريعة الإسلامية

بالمقابل يرفض النائب عدنان طرابلسي الزواج المدني، وقال ل”سبوتنيك”: “سبق أن طرح في ما مضى ما يسمى بالزواج المدني، وقد تم رفضه من قبلنا ومن دار الفتوى ورؤساء حكومات والشخصيات والجمعيات والهيئات الإسلامية وعموم المسلمين”.
واعتبر أنه” خط أحمر ولن نسمح بتجاوزه ولا بالتلاعب بتنظيم الأحوال الشخصية عند المسلمين”.

بدوره أصدر المكتب الإعلامي في دار الفتوى، اليوم الإثنين، بيان أعلن فيه موقف مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان ودار الفتوى والمجلس الشرعي الإسلامي ‏الأعلى من موضوع الزواج المدني في لبنان وهو الرفض المطلق لهذا المشروع في لبنان، لأنه يخالف أحكام الشريعة الإسلامية جملةً وتفصيلاً، ويخالف أيضا أحكام الدستور اللبناني في ما يتعلق بوجوب احترام الأحوال الشخصية المعمول به في المحاكم الدينية العائدة للبنانيين في المادة التاسعة منه، وبالتالي لا يمكن إقراره في المجلس النيابي من دون اخذ رأي وموقف دار الفتوى، وسائر المرجعيات الدينية في لبنان”.

ودعا المكتب الإعلامي الى عدم الخوض والقيل والقال في موضوع الزواج المدني الذي هو من اختصاص دار الفتوى في الجمهورية.

سبوتنيك