فصل الوطني عن الدولة.. هارون في وجه التحدي الكبير
(الوطني خارج أروقة السلطة ومؤسسات الدولة التنفيذية) عنوان ظنه الكثيرون حقيقيا ليسيطر على المشهد السياسي الداخلي ووسائل الإعلام المحلية والأجنبية منذ خطاب الرئيس البشير بحل الحكومات المركزية والولائية وإعلان حالة الطوارئ الجمعة الماضي، قبل أن تضع الحقيقة نقاطها على حروف المشهد بانتخاب قيادة المؤتمر الوطني لأحمد هارون نائباً لرئيس الحزب، في محاولة لتسخير مقدرات الرجل وتوظيف قبوله الواسع وإمكانياته التنفيذية في امتصاص الاهتزازة الداخلية العنيفة التي أصابت الحزب لاستعادة توازنه.
هارون في المشهد
انتخاب والي شمال كردفان السابق أحمد هارون من قِبَلِ المكتب القيادي للمؤتمر الوطني أمس، في منصب نائب رئيس الحزب، خلفاً للدكتور فيصل حسن إبراهيم، لم يكن مفاجئاً للمطلعين على أدق التفاصيل داخل أروقة الوطني، فأحمد هارون رغم بعده عن المركز بحكم موقعه في منصب الوالي، إلا أنه ظل حاضراً بقوة في مطابخ القرار السياسي والتنفيذي، ويعتبر من أهم صناع القرار بالسلطة ودهاليز المؤتمر الوطني.
انتخاب هارون قوبل بقدر كبير من الرضا والتوافق بين قيادات الحزب، لكن هارون الذي خبر كواليس العمل الخاص وأساليب السياسة، باعتقاد كثير من المراقبين لن يجد الطريق أمامه سالكاً، إذ يرون أن منصب نائب رئيس الحزب، ظل على الدوام محط أنظار الطامعين والمشفقين معاً.
مهمام صعبة
كثير من المراقبين يرون أن مهمة أحمد هارون ستكون صعبة، لا سيما أن الحزب سيفقد رئاسة الرئيس البشير له خصوصا بعد إعلانه الرسمي بقومية موقعه من كل أحزاب الساحة؛ فالبشير بما يمتلك من كاريزما قيادية ظل حافظاً لتوازن الحزب، بالتالي فإن انتخاب هارون يعني أنه سيشغل منصب الرئيس المكلف للحزب، فضلاً عن ما نقلته التسريبات بامكانية انتخاب الفريق أول ركن بكري حسن صالح لرئاسة الوطني عبر المؤتمر العام.
كثيرون يرون أن طريق هارون لن يكون مفروشا بالورود، وأن ثمة عقبات ستواجهه، أبرزها أن الوطني كما يبدو نظريا لم يعد حزباً حاكماً ولم تفق عضويته وقواعده بعد من هول هذه الصدمة وهو ما يجعل الرجل أمام تحدٍّ حقيقي يتمثل في استعادة الوطني لتوازنه وقوته سريعاً، والدفع بطاقاته إيجابياً في دعم الحكومة التي أضحت بحسب البعض بلا ظهير أو إسناد سياسي.
كثيرٌ من أعضاء الحزب يرون أن القرارات الأخيرة رفعت عن كاهلهم عبء تحمل مسؤولية إخفاق الحكومة، أسوة بعبء الحياة والضغوط المعيشية التي تمر بها شرائح واسعة من الحزب. فيما يرى آخرون ضرورة استمرار عضوية الوطني في دعم وإسناد برامج الحكومة الجديدة لكونها أعلنت بموافقة رسمية من قيادة الحزب العليا وتفويضها رئيس الجمهورية رئيس الحزب المشير عمر البشير باتخاذ ما يلزم من إجراءات لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والتوافق السياسي، ويرى هؤلاء في إفادات لـ(السوداني) أن تأثير القرارات سيكون كبيرا على الحكومة الجديدة التي فقدت إسناد ثلاثين عاماً لحزب حاكم دون الوصول إلى توافق سياسي يمثل البديل الموضوعي لحالة الفراغ المدني التي سيخلفها إبعاد الوطني عن مؤسسات الدولة التنفيذية.
هل فعلاً تم فصل الوطني عن الدولة؟
فصل حزب المؤتمر الوطني عن مؤسسات الدولة، توصية لطالما تجنبتها وثيقة الإصلاح التي عكف الحزب على وضعها في عام 2013م، مكتفياً بتعديلات ظاهرية تتعلق بالأشخاص بعيداً عن روح الوثيقة، لكن الوثيقة نفسها منذ الجمعة الماضية تحولت لروشتة فاقدة الصلاحية، عقب خطاب الرئيس البشير وما تبعه من قرارات أبعدت المؤتمر الوطني صاحب الأغلبية في انتخابات 2015م من المشهد التنفيذي، واحتفظت المراسم الجمهورية التي قضت بحل الحكومة المركزية والولائية التي تشكلت عقب مخرجات الحوار الوطني بقليل من الحقائب الوزارية ومنصب رئيس الحكومة، إذ يعد الوطني أفضل حالا من الاتحادي الأصل ثاني أكبر شريك في الحكومة السابقة، في إشارة تحتفظ بقدر من المشروعية الدستورية للوطني وحليفه الاتحادي الأصل.
خطوة الرئيس البشير الذي سعى لملء الفراغ الدستوري بقوائم العسكريين على مستوى القصر وولاة الولايات، هدفت بحسب روح خطابه للسودانيين الجمعة الماضية لتهيئة الساحة الوطنية لإحداث قدر أكبر من التوافق السياسي ومعالجة الأوضاع الاقتصادية المستعصية.
موقف الوطني
ردود أفعال قيادات المؤتمر الوطني، حيال تلك التعديلات، أتت متباينة وركزت على علاقة الرئيس البشير بالحزب، لكن قيادت الوطني تحاشت الأيام الماضية تحديد موقفها من تلك التعديلات، وعما إذا كان الوطني بالفعل خارج الجهاز التنفيذي أم لا؟ أسئلة عالقة زادت من حالة الحيرة والارتباك التي خلفها الخطاب بما حواه من مفاجآت ربما صادمة وغير متوقعة لكثير من المراقبين، أتت توقعاتهم لخطاب الرئيس البشير يوم الجمعة الماضي، أقل بكثير مما هو متوقع، حيث نحا كثيرٌ منهم أن لا تتجاوز القرارات الرئاسية، الطابع الكلاسيكي الذي ظل ملازماً لأي عملية تغيير تنتهي لمحض تعديلات في الشخوص أو تدوير القيادات بين المواقع التنفيذية عبر الإحلال والإبدال أو التباديل والتوافيق التي تعتمد بشكل رئيسي على المحافظة على توازن القوى داخل الحكومة وحزب المؤتمر الوطني.
ورغم مرور خمسة أيام على الخطاب، إلا أن القوى السياسية لم تظهر موقفاً واضحاً حيال المسار الذي اقترحه رئيس الجمهورية لاستكمال عملية الحوار والتوافق الوطني. ويرى مراقبون أن موقف قوى المعارضة تحديداً في انتظار ما ستسفر عنه النتائج في غضون الأيام المقبلة، خاصة أنها بزعم أولئك المراقبين في انتظار موقف المؤتمر الوطني لتقدم بموجبها الحكومة على الخطوة المقبلة، غير أن د. أمين حسن عمر قال في حوار مع صحيفة (الانتباهة) أمس، إن الحديث عن مفاصلة ثانية سيجد مقاومة من الحزب حديث غير صحيح مؤكداً تأييد المؤتمر الوطني لمبادرة الرئيس. وأشار أمين إلى أن الوطني لا يعترض على إنشاء حكومة كفاءات مستقلة لا تُراعى فيها المحاصصات، وأضاف: “لم يُشاوِر الرئيس الحزب في مسألة اختيار رئيس الوزراء والنائب الأول، وهذه علامة تدل على أن البشير بات يعامل المؤتمر الوطني مثلما يعامل الآخرين، وهذه خطة غير مرفوضة تماماً، ولكن الحزب من ناحية أخرى سيتصرّف تجاه الحكومة كحزب من أحزاب الحكومة وليس الحزب القائد للحكومة، ولا ينبغي أن يُحاسَب على أساس أنه الحزب الحاكم”. ويؤكد د. أمين أن القيادة الآن انتقلت لرئاسة الجمهورية ولم تعد حزبية وأصبحت قيادة رسمية.
استعادة فاعلية
الرهان على مقدرات أحمد هارون القيادية وحده يبدو أنه ليس كافياً، لمجابهة الأوضاع الطارئة التي يمر بها الوطني، فالحزب من حيث أنه تنظيم سياسي يقوم على المؤسسية والفاعلية، وهنا يقول المحلل السياسي د. حسن الساعوري في تعليقه لـ(السوداني)، إن للوطني مؤسسات ولكن الأداء ضعيف جداً وهو ما يجعل الحزب غائباً عن الساحة السياسية. ويرى الساعوري أن تغيير القيادة بأخرى يفترض أن يتم أولاً اختيار عناصر وأشخاص مناسبين في الأمانات والقطاعات ما يعني ضرورة تكليف كوادر ملمة بمجالات عملها. ويعتقد الساعوري أن أحمد هارون بحاجة لتغيير في الحزب وإحياء الثقة فيه بأنه فعلياً يمكن أن يُسهم في حل مشكلات معينة بإقناع عضويته بأنها صاحبة الحق التنظيمي في النشاط السياسي.
صحيفة السوداني.
بلا طلس معاكم دي كلها مسرحية المهرج بتاعة جماعة الإسلام السياسي في الدوحة إظهار الجناح العسكري حتى تتم تغيير الوجوه و المسميات في الجناح المدني و ترجع حليمه لعادته القديمة
العبوا غيرها و تسقط
هارون إلى المحكمة الجنائية
إعدام بس