سياسية

في ظل الوعيد الأميركي.. ما خيارات إيران لتصدير نفطها؟

 

بعيدا عن الحراك السياسي والاقتصادي الذي تقوده طهران بمساعدة حلفائها لتخفيف وطأة العقوبات الأميركية التي استهدفت شريان اقتصادها، تعمل إيران على تصدير نفطها عبر شتی الطرق للالتفاف على عقوبات تعتبرها غير شرعية.

 

وأعلن المدير العام لإدارة الحد من التسلح بوزارة الخارجية الصينية فو تسونغ -الجمعة الماضي على هامش محادثات فيينا بين إيران والأطراف الموقعة على الاتفاق النووي- رفض بلاده للعقوبات الأميركية على شراء النفط الإيراني، فيما أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن موسكو تعمل مع طهران وفق برنامج النفط مقابل السلع.

وتأتي التصريحات الروسية والصينية في وقت حذر فيه المبعوث الأميركي الخاص بإيران برايان هوك من أن بلاده ستعاقب أي دولة تستورد النفط الإيراني، وأكد أنه لا إعفاءات في الوقت الحالي.

طرق مختلفة
وتعهدت إيران بعد عودة العقوبات الأميركية عليها بمواصلة تصدير نفطها عبر شتى الطرق رغم ضغوط واشنطن الرامية إلى تصفير صادراته، وحذرت من أنها ستغلق مضيق هرمز إذا لم تتمكن من تصدير نفطها، وهو تهديد قالت عنه فيما بعد إنها في غنى عن تنفيذه لأن صادراتها النفطية تمضي على قدم وساق.

مشكلة الاقتصاد الإيراني تكمن في الإدارة الداخلية وليس في العقوبات الأميركية، حسب الباحث الاقتصادي سعيد ليلاز ( الجزيرة)

مشكلة الاقتصاد الإيراني تكمن في الإدارة الداخلية وليس في العقوبات الأميركية، حسب الباحث الاقتصادي سعيد ليلاز ( الجزيرة)
وأكد وزير النفط الإيراني بيجن نامدار زنغنه، ردا على التقارير التي تتحدث عن تراجع كبير في صادرات النفط الإيرانية خلال الأيام الماضية، أن هذه الأخبار كاذبة، لكنه امتنع عن بيان حجم صادرات بلاده النفطية، على اعتبار أن الكشف عن الأرقام لا يصب في مصلحة البلاد.

 

وأعلن محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي أن صادرات النفط الإيرانية في ازدياد رغم العقوبات الأميركية.

وقال الباحث الاقتصادي سعيد ليلاز إن المشكلة الأساس في الاقتصاد الإيراني تكمن في الإدارة الداخلية لا العقوبات الأميركية، وإنه بإمكانه بلوغ نسبة نمو بمستوى يتراوح بين 1% و2% دون الحاجة إلى بيع النفط، وإن تصدير النفط لا يشكل خطا أحمر لإيران.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت “كلما نقترب من موعد الانتخابات الرئاسية في أميركا، فإننا نجد الرئيس ترامب يسعى لتفادي التوترات والتركيز على حملاته الانتخابية، مما يمهد الأرضية لإيران للتعاون مع الشركات الصغرى التي لا ترغب في التعاون مع واشنطن، أو تلك التي لا تريد التعامل بالدولار لبيع نفطها”.

 

الدول الصديقة
ويعتبر إنتاج وتصدير المنتجات غير النفطية وتحويل النفط الخام إلى منتجات أخرى لتصديرها إلى الخارج -بحسب سعيد ليلاز- من أفضل السبل للالتفاف على العقوبات الأميركية على شراء النفط الإيراني، مؤكدا أن التبادل التجاري الإيراني مع العراق بلغ حوالي ملياري دولار شهريا في الآونة الأخيرة، وأن طهران قادرة على تعميم هذه التجربة علی دول صديقة أخرى.

وحول نقل النفط الإيراني إلى الخارج وبيعه باسم دولة أخرى، قال الأستاذ بجامعة شهيد بهشتي إن روسيا على استعداد لنقل مليون برميل نفط إليها يوميا وبيعه باسم موسكو دون أن تشعر أي جهة ثالثة بذلك، مضيفا أن الاقتصاد الروسي قادر على تصدير بضائع بقيمة حوالي 25 مليار دولار سنويا إلى إيران وهذا ما أشار إليه الروس بعنوان النفط مقابل السلع.

وأضاف “خلال حقبة الشاه محمد رضا بهلوي، وقعت إيران اتفاقا مع الاتحاد السوفياتي عام 1960 لتبادل السلع بين الجانبين، وأعتقد أن الأرضية لا تزال مهيأة”.

ورأى أن ارتفاع صادرات النفط الإيرانية خلال يونيو/حزيران مقارنة مع مايو/أيار (الذي بلغت فيه الصادرات الرسمية أدنى المستويات)، والاستقرار في قيمة العملة الوطنية، مؤشر على أن الاقتصاد الإيراني يسير على سكة التحسن والتعافي.

وختم بالقول إن الهدف الرئيس للجانب الأميركي من الضغط على طهران ليس إيران وإنما الصراع الدائر بين واشنطن من جهة والقوى الأخرى مثل بكين والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، وتوقع أن تخفض الولايات المتحدة من ضغوطها على إيران بعد أن تنتهي من سحب الأموال من السعودية والإمارات وتتوصل إلى حل مع الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي.

 

التوجه نحو الشرق
ويرى الباحث سياوش فلاح بور في التوتر التجاري القائم بين الولايات المتحدة والصين فرصة ثمينة لتجاوز إيران العقوبات الأميركية، وذلك من خلال التوجه نحو دول شرق آسيا وعرض النفط الإيراني في البورصات الصينية، والاستفادة من طاقاتها لإيصال شحنات النفط إلى الزبائن.

وأشار -في حديث للجزيرة نت- إلى أن عقوبات وزارة الخزانة الأميركية تسببت في خلق العديد من العقبات أمام بيع النفط الإيراني وسوف تستمر هذه الوتيرة، معتبرا أن التعامل الشامل مع بكين يشكل الطريق الرئيس للالتفاف على العقوبات الأميركية.

وأضاف “بالرغم من أن تمسك إيران بمواقفها أدى إلى تغيير في سياسة الجانب الأوروبي بالاتفاق النووي، وهو ما نشاهده في تفعيل آلية إينستكس للتبادل التجاري مع طهران، لكن مما لا شك فيه أن عملية بيع النفط الإيراني ستكون في أزمة حقيقية دون مساهمة بكين”.

 

ووصف فلاح بور السوق الرمادية بأنها من خيارات إيران الأخرى لبيع نفطها، وذلك بمساعدة أصدقائها وحلفائها في المنطقة، مؤكدا أن الأرقام التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية حول انخفاض حجم الصادرات الإيرانية من النفط غير دقيقة، بسبب اعتماد طهران سبلا غير رسمية وبعيدة عن الإعلام لبيع نفطها.

وشدد على أن موقف إيران وصمودها أمام الضغوط الأميركية يوحي بتوصل طهران إلى طريقة متقنة تمكنها من تجاوز عتبة العقوبات، غير أنه لا أحد يستطيع الخوض في تفاصيل وإحصائيات عن حجم صادرات النفط الإيرانية خلال الفترة الأخيرة.

وتابع “الطرق الأخرى التي تمكن إيران من بيع نفطها تتمثل في نقله عبر ناقلات نفط مجهولة، وعرضه في البورصات التي لا تتعامل بالدولار الأميركي، فضلا عن الاستعانة بالتجار الإيرانيين لبيعه في الخارج”.

وكان نائب وزير النفط الإيراني أمير حسين زماني كشف عن طريقة جديدة لبيع النفط والالتفاف على العقوبات الأميركية، عبر بيعه في “السوق الرمادية” دون الخوض في التفاصيل.

وقال في تصريح صحفي إن الجمهورية الإسلامية حشدت جميع مواردها لبيع النفط في هذه السوق وتجاوز العقوبات التي نراها غير شرعية.

 

وعاد التوتر للعلاقات الإيرانية الأميركية بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الموقع مع طهران عام 2015، وفرضه عقوبات على شخصيات وهيئات إيرانية لإرغام طهران على الجلوس ثانية إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى اتفاق جديد يشمل برنامجها الصاروخي.

الجزيرة