أبرز العناوينسياسية

خبير أمريكي: آن الأوان لمغادرة السودان قائمة الإرهاب وعلى السودانيين التعلم من تجارب العراق ويوغندا


أكد السفير المبعوث السابق للإدارة الأمريكية حول السودان ، اسكوت قرايشون، أن اللحظة التاريخية قد تحققت لإزاحة اسم السودان من قائمة الدول التي توصمها أمريكا برعاية الإرهاب الدولي.

وقال قرايشون – في مقابلة لـ(سوداناو) – إنه شخصيا يعتقد أن السودان قد استوفى شروط إزالته من تلك القائمة؛ لكنه قال قد تكون لإدارة دونالد ترامب تقارير أمنية هو ليس مطلع عليها.

“على الرغم من أنني أعتقد أن السودان قد استوفى جميع المعايير لإلغاء قرار الدولة الراعية للإرهاب ، فإنه قرار حكومي”. ووفقا لقرايشون الذي أكد أنه إذا أكدت الحكومة الجديدة وعملت مع المجتمع الدولي للحد من الإرهاب ولمنع السودان من أن يكون مأوى و حاضنا للإرهابيين مرة أخرى، و سعت لتوفير الأمن للسودانيين وأمنت على وجود نظام قضائي تعلو فيه سيادة القانون، فلا مناص للمجتمع الدولي إلا أن يرفع اسم السودان من تلك القائمة.

وأشار قرايشون الى أن هذا الأمر بدأ في عام 1993، وقد حضر كثير من الغربيين إلى السودان ووعدوا بإزالة اسم السودان عن تلك القائمة؛ لكن ذلك لم يقع، إلا أنه “قد أزف الأوان لحدوث ذلك .. هذه هي الفرصة هذا الحدث التاريخي والوقت الذي نعيش فيه الآن ، وقد حان الوقت لأمريكا وشركائها ليقولوا : دعونا نساعد السودان على إكمال نصره”.

وأكد قرايشون أنه حال لم يحدث ذلك ، وإذا ضيعت هذه الفرصة ، وإذا لم يتسن للسودان الحصول على الموارد المالية اللازمة ، أو إذا لم يجد الدعم من المجتمع الدولي ، وعلى المساعدة الخارجية التي يحتاجونها وفشلت هذه الثورة فسيكون الأمر كارثيا على القارة بأكملها.

وسبب لذلك بقوله: “إن السودان يقع من القارة في قلبها ووسطها وعندما تسوء الأمور في الخرطوم ، فإن الاضطراب يسير كالموج من الخرطوم إلى كيب تاون ، ومن جيبوتي إلى داكار.”

وقال إن على العالم أن يدرك حقيقة أن السودان قطر بالغ الأهمية ، وهو السرة الضامة لشمال وجنوب القارة ، وهو الرابط للقرن الأفريقي مع أقطار الغرب الأفريقي. وهو مركز ديني وسط”هناك الكثير من العوامل في السودان التي تجعل منه دولة مهمة فيجب علينا جميعا أن نتحمل المسؤولية للتأكد من أن لديها كل فرص للنجاح”. إلا أنه أكد أن الأمر كله يعود الى الحكومة الجديدة في السودان.

“لكن بصراحة الأمر يتعلق بالمسؤولين. لهذا آمل أن يضع المسؤولون السودان في المرتبة الأولى. عليهم اتخاذ القرارات التي تعيد السودان ليعود ذلك البلد الذي يحمل مستقبلا أكثر إشراقًا ” وفقا لقرايشون.

وقال قرايشون إن السودان على مدار العقود الثلاثة الماضية كان مستهلكًا للاهتمام الدولي ومستهلكًا للمال الدولي ومستهلكًا للمحادثات الدولية ” لكني اعتقد أنه يمكننا تغيير هذا الموقف.”

وأمن قرايشون على أن السودان يتميز بصفات فريدة منها فهمه للتاريخ الأفريقي وتاريخ المنطقة وفهمه لأمور الدين والوضع الاستراتيجي وفهمه لأشياء أخرى كثيرة تتعلق بالمنطقة ومقبوليته مما يمكنه أن يكون وسيطا للمساعدة في الوصول للسلام بمناطق النزاع في القارة وتحقيق السلام.

وقال قرايشون رغم أنه لايملك اتخاذ قرار الرفع إلا أنه ظل وسيستمر في دفع حكومة بلاده كخبير على التفكير في إخراج السودان من القائمة؛ وذلك لحاجة السودان إلى الوصول إلى المؤسسات المالية الدولية.

“يحتاج السودان إلى نظام مصرفي، والى القدرة على مثلا استخدام بطاقات ائتمان الآلية و يحتاج إلى أن يكون قادرًا على تنزيل منتجات امازون Amazon التي تحتاجها لتتمكن من جعل أطفالك يحصلون على برامج تعليمية من شبكة الإنترنت ، فأنت بحاجة إلى الوصول إلى هذا النوع من الأشياء التي يستمتع بها بقية العالم … لا يوجد سبب لفرض مزيد من العقوبات على السودان عندما يكون على وشك يمضي قدما الآن ليصبح دولة أفضل.”

“أعتقد أنه حان الوقت لكي يصبح السودان مصدراً للسلام وليس مستورداً لجهود مثل جهود اليوناميد وتلك الجهود الأخرى لمحاولة إحلال السلام في السودان. لقد حان الوقت للسودان لتصدير السلام والتفاهم”.

وأشار المبعوث الأمريكي السابق للسودان الخبير اسكوت قرايشون إلى أن إحدى المحفزات لإتاحة الفرصة للسودان للاندماج في المجتمع الاقتصادي العالمي هو كمية الثروات الضخمة التي يمتلكها السودان والتي تغني السودان حتى من ثروات النفط إضافة الى موارده البشرية.

وقال ” لقد حان الوقت للمؤسسات المالية الدولية أن تأتي إلى السودان وتبدأ في إدماج السودان في المجتمع الاقتصادي الدولي، لقد آن الأوان للشركات الدولية لبدء الاستثمار في السودان الذي يمتلك موارد ضخمة، هذا بلد يمكنه أن يكون سلة خبز العالم، يمكنه توفير الماشية واللحوم للعديد من الدول التي حوله، هذا بلد يمتلك العديد من المعادن النادرة اللازمة التي يحتاجها العالم للتطوير ويمكن استخراج هذه المعادن ويمكن زراعة الأراضي وتربية الماشية (تسمينها) وتصديرها”.

وقال قرايشون – في مقابلة صحفية مشتركة في الخرطوم عقب مشاركته في الاحتفال بتوقيع وثائق الفترة الانتقالية 17 اغسطس 2019 – إن بمقدور السودان أن يحقق اقتصادا جيدا حيث لا يوجد سبب منطقي يجعل الاقتصاد السوداني يعتمد فقط على النفط ، وهو يمتلك الصمغ العربي و القوى العاملة الجادة، ولديه موارد بشرية ومتعلمين، ولا يوجد من سبب يجعل السودان يقبع في مرتبة متأخرة من التقدم الاقتصادي”.

وأكد الخبير الدبلوماسي الأمريكي والعسكري المتقاعد اسكوت قرايشون أن على السودان الاستفادة من تجربتي كل من العراق ويوغندا في ما يتعلق بمبدأي التعافي والإقصاء مع التطبيق الصارم لمبدأ المحاسبية والمساءلة أمام القانون لجرائم ارتكبت إبان العهد الذي أزالته الثورة، فقد تحركت يوغندا الى الأمام ولكن العراق تمزق.

وقال قرايشون – في مقابلة صحفية بالخرطوم – إنه لا يمكن أن يقف في موقف الناصح للثورة السودانية العظيمة و التي أمامها فرصة إصلاح كثير من الأمور و إعادة السودان للمجتمع الاقتصادي العالمي؛ ولكنه يرى في تجارب كل من العراق و يوغندا درسا يستفاد منه.

و قال “أعتقد أنه يجب عليك توخي الحذر بشأن من يتم اقصاؤه. إذا كان هناك أشخاص ارتكبوا ظلامات فيجب أن يخضعوا للمساءلة ، فهذا شيء لابد منه؛ ليس لدي مشكلة في ذلك. ولكن في ما يتعلق بالتكنوقراط و الموظفين الذين يحتاج المرء اليهم في كل حكومة لضمان استمرار الخدمات واتخاذ قرارات جيدة، فأعتقد أنه يتعين عليك التفكير في ذلك جيدا قبل اتخاذ قرار الإقصاء”.

و أشار الى أنه بعد سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين سعى الثوار الى تفكيك كل مؤسسات القوات العراقية والجيش والأمن والقوات النظامية لارتباطها و علاقتها بصدام حسين وإبعاد كل الموظفين والفنيين وكان الأمر صعبًا لأنهم فقدوا بذلك الكثير من المؤسسات؛ مما أدى الى انهيار الخدمة، وتشرذم العراقيون. بينما طبق اليوغنديون مبدأ المساءلة والتعافي وترك تركات الماضي خلفهم عقب سقوط نظام عيدي أمين ولد دادا عام 1979 و ساروا بدولتهم و بلدهم للأمام.

وقال إنه عندما كان في يوغندا لم يستوعب كيف يمكن للناس أن يغفروا؛ و لكنه لاحظ ان المصلين في الكنائس يوم الأحد ، كانو يتنادون بأن عليهم المضي قدمًا ، و أن عليهم التناسي اذ “يمكننا التعلم من الماضي؛ ولكن علينا أن ننسى الماضي .هذا المفهوم الكامل للغفران مهم للغاية. إذا لم تتسامحوا ، فستكونون مقيدين بحزب المؤتمر الوطني وبذلك النظام إلى الأبد.” بما يعني الإلهاء عن تحقيق مقاصد الثورة السودانية و تفريغ طاقاتها في هذه المسائل.

و أوضح أن سفينة الإصلاح والثورة ينبغي أن تسير الى الأمام لا أن تظل مرهونة و مربوطة الى النظام السابق وسوءاته.

“إذا استطعتم قطع هذا الحبل ، فإن المرساة ستبقى ولكن سفينتكم ستعاود الإبحار إذا كنتم تريدون أن ترتهنوا الى الماضي ، فلا تسامحوا إذا كنتم تريدون الانتقال إلى مستقبل أكثر إشراقًا ، فقوموا بقطع حبل المرساة واتركوا سفينتكم تتحرك الى المستقبل، إذ إنه في مرحلة ما عليكم أن تتسامحوا. ينبغي طبعا محاسبة الأشخاص المذنبين كأشخاص، لكن سيأتي وقت يجب عليكم فيه المضى قدمًا؛ عليكم تحديد الأشياء التي يمكن أن تسامحوا فيها وتحديد تلك الأشياء التي لا تستطيعون ذلك”.

و قال اسكوت قرايشون وهو المبعوث الأمريكي الخاص للسودان 2009-2011 إنه جاء الى السودان البلد الذي أحبه بعد أن اختلط بأهله وعرفهم؛ لذلك كانت سعادته غامرة يوم شهد التوقيع على الإعلان الدستوري، وكان شاهدا على التحول الذي بدأ ينتظم البلاد.

و قال قرايشون أنه سعيد بوجوده في السودان ،”فأنا أحب السودان والشعب السوداني (قالها باللغة العربية). لذا فإنه من الرائع أن يعود و يختلط بالأشخاص الذين استمتع بالوجود معهم، وأن يكون شاهداً على “هذه المناسبة التاريخية العظيمة” فقد أتيحت له الفرصة لرؤية حفل التوقيع وأن يشهد سعادة الناس وهم يبشرون بفصل جديد في يوم جديد. لكنه أضاف “الآن يبدأ الجزء الأصعب من الثورة”.

و أكد قرايشون أنه رغم أن الثورة على النظام المخلوع كانت صعبة ومكلفة إلا أن الأصعب دوما هو ما يعقب الثورة.

“الآن يأتي الجزء الأصعب ولكنني متفائل لأنه إذا وضع الشعب السوداني السودان في المقام الأول فإن فرص السلام وفرص الرخاء وفرص مستقبل أفضل ممكنة بالتأكيد.” وفقا للسيد قرايشون

و قال إن ما يجب الحذر منه هو الجانب السلبي بأن “يبدأ الثوار الشجار حول أحزابنا، إذا بدأنا في البحث عن المال إذا بدأنا في التفكير في مناطقنا ، وإذا بدأنا في التفكير في قطاعاتنا وأحزابنا ومن أين أتينا” ، فإن تلك الأمور مجلبة للتعطيل و إيقاف عجلة وفرصة تحقيق السلام والنماء والعودة لحظيرة المجتمع الاقتصادي العالمي.

و قال إنه يرجو أن يتذكر السودانيون وأن يسألوا أنفسهم دوما في كل مرة يتعين عليهم اتخاذ قرار: هل هذا في مصلحة بلدهم ، هل يأتي السودان أولاً؟ لأنهم إذا وضعوا السودان أولاً ، فإن كل هذه القضايا الأخرى تصبح ثانوية وسيقل الفساد وسينتهي القتال وستتضاءل الخلافات والظلم.

” آمل أيضًا أن يتمكن السودانيون من إحلال السلام في هذه البلاد لأنه على مدى السنوات العشر الماضية، منذ رحيلي ، ما زال النازحون في مخيماتهم ، و مازال اللاجئون قابعون في المخيمات في تشاد ، لغياب الأمن هنا: ذات الشيء في كردفان والناس في النيل الأزرق وفي جبال النوبة يتسبب هذا الصراع في استمرار تهميشهم ومعاملتهم بشكل غير متكافئ ، يعيشون دون خدمات أساسية كان ينبغي أن يحصلوا عليها كسودانيين.”

و قال ما أتمنى وأود أن أراه أن يجد كل سوداني، بغض النظر عن منطقته ، بغض النظر عن خلفيته أو قبيلته، الفرصة للمشاركة والعيش في سلام والمشاركة في الرخاء.

الخرطوم 23-8 2019 (سونا)


تعليق واحد

  1. محاضرة قيمة من شخص مخلص ونصائح ذهبية من قيادة العالم أرجو أن تجد أذأن صاغية.