النصف الفارغ والنصف الممتلئ

من الطرائف أن ولدا سافر إلى الخارج للدراسة، ومكث هناك مسافة المدة التي يقضيها البعض ليصير معارضا شهيرا أو مستعليا كبيرا كما في قصص الذين تستضيفهم القنوات في الخارج أو يأتون اليها مديرين في الداخل..

الولد لما عاد وجلس مع والده ليلا ليحكي له عن الغربة وما أنجز قال لوالده: أنا درست فلسفة.

الوالد البسيط لم يعرف ما هي الفلسفة ولا يدري عن سقراط شيئا ولا مر بأذنه اسم كانط ولا يدري ما ابن رشد ولا يعرف القراءة ليقرأ تهافت الفلاسفة. الولد لكي يبسط الأمر على والده وكان يجلس معه على صينية العشاء وفي وسطها (دجاجة محمرة) قال: الفلسفة يا والدي ممكن أقنعك بيها أن هذه الدجاجة دجاجتان..

وهنا أخذ الوالد الدجاجة وقربها إلى فمه وقال لولده ضجرا: خلاص أكل انت التانية..

تذكرت هذه الطرفة امس وانا أقرأ عن أن حكومة الجنوب أعلنت انها تسيطر على نصف مدينة ملكال.. فقلت هل هذه بشارة لأنصارها أم خسارة لهم؟

وقرأت عن خوف نواب الخرطوم من أن تكون أزمة الجازولين كما كانت عام 89 فقلت إن النصف الآخر من الخبر يعني أن النواب معانا ويعرفون أن هناك أزمة..

كما قرأت عن تمهيد الترابي لقرارات قادمة، فتذكرت المرحوم محمد طه محمد أحمد وكتاباته عن الصادق المهدي ومصالحة 1977 وبيت الشعر الذي لا ينفك يكتبه:

إذا احتربت يوما وسالت دماؤها

تذكرت القربى فسالت دموعها

مع أمل أن لا يعاد هتاف (فلتسل كل الدماء) لأن الدماء التي سالت لم ترفع لواء في الجنوب فذهبت مع النفط..

كما أن شكوى وزارة التربية في الخرطوم من سوء استخدام الكتاب المدرسي قد جاءت لي بطرفة الرجل الغشيم في الغربة الذي أرسلوا له بأن زوجته (ماشة كعب) فعاد إلى البلاد يتأبط شرا قبل أن يكتشف أنه لا معرس ولا حاجة.. هل يعني هذا أن الكتاب المدرسي متوفر؟.. كنا طلابا وتلاميذ ونعرف أن جمع الكتب يتم بطريقة قاسية إلا إذا كان الأمر قد جاط من بعدنا فصار الأمر جوطة وندرة!

كتبت إحدى الصحف الفرنسية أن نصف وزراء الحاكومة فاسدون فأجبرتها الحكومة على كتابة تصحيح فكتبت الصحيفة تعتذر عن كتابتها بأن نصف الوزراء فاسدون والحقيقة أن نصفهم غير فاسد..

……..

نص شوف المينا البري بيعمل إيه..