مشت الكمنجات الحفا
ولا نجافي الحقيقة إن قلنا إن أي أغنية لما بعد الحقيبة فيها ختم (محمدية) فمن النادر أن لا يعزف محمدية ضمن أوركسترا أي أغنية من لدن إبراهيم عوض وحتى آخر نجم من نجوم الغد.
وأمس انطلقت شائعة مريضة بموت الأسطورة والموت حق، لكن استعجاله وإطلاق الشائعات به يبقى حالة مرضية أصابت مجتمعنا منذ سنوات وتخصص فيها مختصون يتقاذفون القمم والمشاهير بالموت ويبينون الأسباب من حوادث وسكتة قلبية وجلطة وظروف غامضة.
قبل سنوات خرج مانشيت صحيفة بموت أبو آمنة حامد وكانت نكتة بالنسبة للرجل الساخر والذي قال (أنا هسع عايش يعني؟!!!) وعلي دربه سار الراحل حسن مختار وكنا مجموعة محظوظة جلست بين هذين العملاقين نشهد ميلاد (دبايوا) و(من الركن).
لابد وأن الكمنجات أمس قد مشت الحفا وأهالت الصولات الحزينة التراب على رأسها وأرسلت أنين أوتارها الخمسة جزعا أن يكون عرابها قد مات.
يكاد الجميع يظن أن محمدية ينام والكمنجة على صدره وتحت ذقنه ويده تمسد شعر أوتارها في مناغاة عزف رؤوم..
ستون عاما ومحمدية لا يفتأ يبحث بلا كلل عن فراشة وزهرة في بساتين الموسيقى يضمها إلى مجموعة نادرة من الزهور والفراشات صادها على مر السنين وجعل لها حرزا في غرف قلبه..
لما سرت شائعة موت محمدية قلت لأحباب غشيتنا سحابة حزن إن هذه الشائعة أثبتت للرجل الكبير أنه رقم في خارطة الأغنية السودانية وحرف في لغتها.
فلما تبين أن الرجل حي يرزق عادت الأنوار بعد انقطاع وجرت المياه بعد وقوف وتراقصت النوتة الموسيقية ببشارة أن لها لقاء مع (سيد المزازيك)..
وهذه فرصة ذهبية للجميع من إعلام ومسؤولين بأن يأخذوا من هذا الضرع (طنوب) من لبن ذكرى أو مطلب أو شهادة فمحمدية نغم ضد اللغم وحقل من نفائس ونسخة وحيدة من كتاب نادر فيه سر الكنز المفقود وحدود الفصل ما بين الإنشاء والانتشاء..
اعطني النأي وغني
فالغنا سر الوجود
وفي صدر وكمنجة محمدية يوجد هذا السر لذلك كانت عيناه المغمضتان بالنشوة تخبران عن المفتاح لمن ضاع عليه المفتاح والباب لمن غاب عنه الباب والبيت لمن تاه عن البيت..
وكان الراحل وردي قد طالب بتكريم محمدية وأن يعطى معاشا وعلل بأن مثل محمدية لا يجوز أن يكون في بيوت الأعراس..
هو أكبر من ذلك لو تعلمون
وأمس كتبت الأستاذة صباح موسى عن غياب صناعة النجم في السودان… النجم الحي يقتلونه يا بنت النيل..
غفر الله لبيسان عابد
لا تغلي لي الأعشاب يا أمي
فهذه بحة في القلب!
[/JUSTIFY]هتش – صحيفة اليوم التالي