ولاة وولادة
أعلن مكتب والي شمال دارفور أن الوالي كبر لم يتعرض لمحاولة اغتيال كما نشرت الصحف (الشفقانة) وأن الأمر لا يتجاوز (شكلة سكارى) وهو ذات التبرير الذي ساقه رياك مشار بعد اتهامه بالانقلاب على حكومة جوبا فقال إن أحداث القصر الرئاسي كانت بفعل إطلاق نار ما بين مجموعة من السكارى وهو الفعل الذي أدى فيما بعد إلى حرب أهلية في الدولة الوليدة جعلت نصف شعبها نازحا والنصف الآخر متربصا يترقب كما هو الحال الآن في المناطق التي دخلها المتمردون في ولاية الوالي كبر..
لئن كان كبر قد نجا أو لم يتعرض للاغتيال، فإن دارفور الكبرى الآن كلها تتعرض للاغتيال وتعرض على أرضها مسرحية حرب البسوس الجديدة ما بين أبناء العمومة والإخوان في ملهاة بلا منطق..
ولكن في الخرطوم كان الاغتيال الحقيقي لأمهات جئن لكي يهبن الحياة لأطفالهن فلم يجدن مسعفا ولا منقذا فقضين في عربات الإسعاف والنقالات والأسرّة لأن التجفيف يبّس حتى منابع الرحمة..
كان الخبر مأساة حقيقية في زحمة المآسي التي تتراكم على جسد الوطن المثخن بالجراح، فليس في جسد الوطن الآن موضع شبر إلا وفيه حركة مسلحة أو حركة مصلحة أو متربص أو متيبس أو متلبس أو ملتبس..
مغلولة يد الأبناء عن مساعدته ومغلولة مغانمه.
إن موت أم في المستشفى بالإهمال يبقى ردة إلى زمن الولادة بالحبل ورجعية إلى زمن شاقاهو الوجعة طق في ليل الغلابة.
كنت أبسم ساخرا لما أفسح الطريق لعربة إسعاف يستميت سائقها ليدرك بالمريض المستشفى، وأنا أعرف أن المريض سيمكث بأكثر من الزمن الذي قطعه في العربة في الانتظار حتي يأتيه مسعف، فلقد جربت ذلك في نفسي وأحباب فضربت كفا بكف ورأسا بحائط..
لقد اغتيلت أمهات يوم نجا الوالي من الاغتيال.. لقد ماتت نساء يوم شبه للناس أن رصاصا انطلق نحو الوالي لكن الدم الفي البنطلون طلع بوهية حمراء كما في مسرحية عادل إمام، وبقيت المستشفيات القتيلة (متعووودة) تذهب بأرواح المستغيث وتلد النساء في (حوشها) لأن وحوشها أغلقوا العنابر وشالوا المفتاح..
رحم الله الخليفة سلامة بإحدى قرى الجزيرة كان يوزع الحلوى والبلح عندما (تنحل) كل امرأة كانت في الولادة تحرسها (قابلة) هميمة بإمكانات قليلة..
ربنا يعطي الوالي كبر العمر المديد وأخواتنا وزوجاتنا وبناتنا أيضا ممن سيجري بهن أهلهن نحو المستشفى.
هتش – صحيفة اليوم التالي