هيثم صديق

المصافحة والمصالحة


[JUSTIFY]
المصافحة والمصالحة

تستهويني جدا فتاوى الدكتور الترابي، فلها في قلبي مكانة، وعند قلبي وقع، فهو يجعل الأمر ماءا يروي لا صنما من ثلج لما حفظ جماعة بعض الفتاوى في ديبفريزر الكتب القديمة وجعلوها مؤطرة في صورة القرون البعيدة.
وآخر فتاويه كانت عن جواز المصافحة ما بين الرجل والمرأة وهو أمر أفعله (أنا)، فما رددت يدي عن مصافحة ولا اقصرتها لمصافحة، ومعي (معظم) الشعب السوداني بل (معظم ) المسلمين في العالم.
ولكن ليس هذا سبيلنا اليوم ولا مرادنا بل نريد تجويز (المصالحة) لا المصافحة لما انقسم الشعب إلى أقسام من أحزاب وحركات وجهات وجهويات، فأصبحت المصافحة بين (الرجال) نادرة وتحتاج إلى فتوى جواز.
لقد انقسم كل حزب وكل حركة، فالمؤتمر صار مؤتمرين والاتحادي صار اتحادات والأمة بقي أمم وحركة التحرير أضافت للتحرير اسما وحركة التطوير ألحقت بالتطوير نعتا فأصبح الوطن (علمه) واحد وقلوب أهله شتى.
والمصالحة المطلوبة لا تعني (المناورة) بأي حال كما تفعل بعض الأحزاب والحركات المصالحة للحزب الحاكم فتنقسم في (تمثيلية) واضحة بأن تشارك في الحكم بجناح وتعارض بآخر في تناغم تام.
إن المصافحة السياسية تعني المصالحة التي تعني الاستقرار لوطن متنازع ومضطرب يبحر بسفينة مثقوبة في خضم موج طاغ ورياح هوجاء، فلا نريد مصافحة رومانسية للكاميرات والأغاني.
(تمد الايد ونتسالم
كأنك ما النسيتني زمان
ولا الزول القبيل خاصم)
إن تمرير المصالح بين الفرقاء تحت لافتة (شكلتنا في محلها) لن يداوي جرحا ولن يسد جوعا ولن ينير دربا في الظلام ولن يروي عطشا لبلد جريح وجائع وعطش وطريقه مظلمة.
أصبح الوضع الراهن يحتاج إلى تدخل جراحي عاجل، فالمسكنات لم تهدئ الألم وتكبح المرض والناظر إلى الوضع العام في العالم أجمع يتأكد بما لا يدع مجالا للشك أن العشرية الثانية من القرن العشرين تعاد من جديد وأن الحرب العالمية الأولى قد مر عليها قرن في هذا العام ولعلها ستقوم من جديد وسيأتي بلفور آخر ليعطي وطنا بديلا لمجموعة غجرية أخرى بلا وطن
حروف التاريخ متشابهة لمن يقرأ التاريخ وأسباب ذهاب الدول وتشرذمها متطابقة لمن ينظر إلى الأسباب لما يذهب كل حزب بما لديه وتعلي الأنا على الكل ولو لبست الأنا عباءة الجماعة واستعارت لسانهم.
إن كانت المصافحة مكروهة فإن عدم المصالحة حرام

[/JUSTIFY]

هتش – صحيفة اليوم التالي