هيثم صديق

ما يطلبه المصلون


[JUSTIFY]
ما يطلبه المصلون

قبل كذا عام كنت قد استجبت لدعوة صديق للصلاة في أم درمان خلف أحد الائمة وكنا قد دخلنا باكرا قبل أن يضيق المكان ودخل الخطيب المفوه فطوف بنا بين المعاني والمواعظ والقصص لكن الخطيب جاء بها شتراء حين اهتاج في المصلين محتجا أن القصص لم تحركهم والمواعظ (ما مشت فيهم) ونزل الإمام من المنبر وأخذ مجموعة من المصلين يرجون فيه أن يعود وبعد لأي وتحانيس عاد الخطيب إلى خطبته وأتم الصلاة على خير.

قلت لصديقي ونحن نخرج من المسجد وسط حشود كبيرة إن إمامك هذا لا جمعة له… صديقي اندهش لقولي هذا فأعطيته براهيني وذكرت له أن الجمعة يفسدها الحديث بعد دخول الإمام وقلت له إن الإمام يعرف أن (حركاته) هذه هي التي تأتي له بالمصلين الجدد من الذين يحبون التغيير والتنظير.

إن الخطابة مسألة مهمة جدا وينبغي على الخطيب أن يعي أن الظهر قد صار ركعتين لاجل خطبته هذه وأنها يجب أن تكون مواكبة للحدث ومصطحبة للحلول وأن الخطابة فن والمخاطبة موهبة تأتي قبل التفقه في الدين.

كم من جمعة مرت على الناس وقد نام نصفهم (وناد) النصف الآخر فما إن يقول الامام قوموا علي صلاتكم حتى ترى السرعة كاطفال في المدرسة جاءهم الترحيل أو قرع جرس الانصراف..

الأمة مواجهة بتحديات كبيرة والقضايا الحيوية تكاد لا تكفيها خطبة واحدة ولا يستحق الأمر العودة للخطب المعلبة منتهية الصلاحية والتي يصل تاريخ بعضها للسلطنة العثمانية كما في بعض الطرائف عن الإمام الذي دعا للسلطان عبد الحميد بالتمكين وطول العمر وأمن المصلون..

ما أعظم الجمعة وما أعذب ساعاتها وأبركها لما يضوع العطر من المساجد ويصدح المرتلون بالقرآن وتقترب ساعات الإجابة.

صلاة الجمعة ليست شالا وجلبابا وعمة ومسبحة وفرك اليدين بالمسك، إنها تماسك وتقارب واجتماع..

كما أن هناك اختصارا مخلا لبعض الائمة في خطبتها يجعل المسبوقين بأكثر من الذين أدوها كاملة وقضاها آخرون ظهرا..

ونامل أن لا يصبح بعض الأئمة كالفنانين لما يقدمون ما يطلبه الجمهور فالبعض يخصص كل خطبه للمعارضة أو الموالاة ناسيا ومتناسيا أمورا أخرى مرتبطة بحياة الناس ومعاشهم.

[/JUSTIFY]

هتش – صحيفة اليوم التالي