هيثم صديق

غزوة الخندقاوي


[JUSTIFY]
غزوة الخندقاوي

يحكى أن رجلا اتصل بالشرطة قائلا (ألو شرطة.. عربية ضربت عوضية) وأغلق الخط.. لم يذكر تفاصيلا أخرى لا مكان لا زمان ولا لون.

وقريب من هذا يحكى أن فريقا قمة الكرة السودانية ذهبا إلى قطر لمعسكر إعدادي في بداية العام الجاري، فجاءت أخبار المعسكر وفي طياتها أخبار عن رجل يقال له الخندقاوي.

“المريخ يصمد أمام بايرن ميونخ والخندقاوي يقيم حفل عشاء”

“الهلال يهزم زينت الروسي والخندقاوي يحفز”

ومثل الإشاعة ضد امرأة حسناء كبر اسم الخندقاوي وملأ الأسافير والمواسير وكتب بالدم والفحم والطباشير.

كاد أن يكون مثل المخبر السري في قصيدة نزار قباني

يدخل في أنوفنا.. يخرج من سعالنا

ثم يأتي إلى الخرطوم التي هيأت له وألبسوها زينتها وحشدوا له الحشود.

“مسعول كبيييير زاير البلد”

رحم الله الدوش لو كان حيا لقال هذا من أقصده.

كان معجزة بلا شك.. قدموا لنا كارت الدعوة لحضور زفاف.. فإذا بنا نشاهد سماية.. تخرج.. واحتفال وظيفة.

كمسلسل مضغوط تم الأمر

كفنتازيا السينما ورؤيا المخرج السوري نجدة أنزور.

مثل مبالغات السينما الهندية

لما وجد العاشقان طفلة فربياها واعتنيا بها، ليكتشفا في نهاية الفيلم أنها أمهما وسط الدموع وباقات دعاء الطيبين.

وجاء الفاتح الجديد (بحركة) من يفعلها كان منه، فإذا بالصور.. تتدفق عشرات المشاهير وأنصاف المشاهير وبعض التشهير.. يرسمون قبضات بليدة ينتمون بها لحزب الفجأة الجديد..

الأنبياء الكاذبون يقرفصون ويركبون على الشعوب ولا رسالة.

انساق الناس خلف الأوراق الخضراء وصيت الفجأة فأعطونا الخوف الحقيقي على السودان.

صار الرجل في لمحة عين على كل لسان، وقبضته تلكم الواقع المترنح مخبرة أن هذا هو الواقع، وأن من ملك مالا ودخل به إلى باحة الوطن وجد من المحتشدين فوق ما يتخيل، ومن الأتباع فوق ما يطمح، بدون أن يقال له من أنت وأين كنت.

ضو البيت في رواية الطيب صالح كان محض خيال لما خرج أبيض اللون أخضر العينين من الماء ذات ليلة مقمرة نصف ميت، فإذا به معجزة، أعطوه الاسم والدين والزوجة في جمعة واحدة، فصار الأول والأغنى والمثال، وأنجب المعجزات في قرية عند منحنى النيل في النصف الأول من القرن الماضي،

ينبغي أن تدرس هذا الظاهرة قبل أن نقف على رسم دَرَسَ لوطن كان فاحص العينين رزينا قبل أن يتخفف حتى كاد أن يطير.

لقد أرسل عمر بن الخطاب بلال بن رباح إلى الشام لمّا جاءه أن خالد بن الوليد قد أنفق أموالا طائلة على بعض الروم، فقال عمر لبلال خذ بعمامته (اخنقو) أمام بني الأصفر وقل له إن أمير المؤمنين يقول لك (إن كان ما أنفقته من مالك فقد أسرفت، وإن كان ما أنفقته من بيت مال المسلمين فقد سرقت).. ويحكي التاريخ أن حبشيا أسود خنق قرشيا أمام الغرب بأمر الإسلام العظيم لما أعلى القيمة على الكل.

لقد اعتصرني الألم وأنا أقرأ لكريم مثل الكابتن نصر الدين عباس جكسا يتبرأ من أنه قد أخذ نقودا من الخندقاوي، ولقد قرأت لغيره يستجدي.

ويبقى الأمر في إطار العام وإن خصصنا؛ لأن مثل هذا الانقياد والتابعية واللهاث كان غريبا علينا،

لذلك كان الراعي صاحب النعجة ومضة وعلو للأسف- أظلنا زمان الظلام والانحدار.

ولذلك نصب مزيف على شركات ورجال أعمال ولهف ملايين الدولارات لأنهم لم يتفحصوه.

وتكثر حالات الطلاق؛ لأن الناس صارت تزوج بناتها لمن يرضون عربته، ولمعة الجلباب والساعة، بدون أن يقال له (وانت شن نفرك؟)

وساكت لو حركت شفايف

من أشواقي بقول دي تحية

[/JUSTIFY]

هتش – صحيفة اليوم التالي