هيثم صديق

على الأعناق


[JUSTIFY]
على الأعناق

واحد من الأطفال، ممن يحملون بعض السلع على أكتافهم، ويحومون بها في الطرقات، كنت قد استفهمته عن أسباب عمله المضني هذا في درجة حرارة وصلت حد الغليان؟، فقال إنه يوفر المصاريف لبيتهم، لأن والدته التي كانت تعمل بعد وفاة والده مريضة.. لو ظهر هذا الطفل في قناة خارجية، لجاءته الإعانات والإشادات ولاستقبلوه في المطار وحملوه على الأعناق..

وسيدة قدمت أربعة شهداء من أبنائها لأجل الوطن تذكرتها.. وإحدى دول الخليج تبث في نشرتها الرئيسة زيارة لأكبر قياداتها.. لها في بيتها، وتقدم وساماً لأن ابناً لها قضى في حادث حريق، وهو يكافح النار، عشرات مثله ماتوا عندنا كهذا.. والسيدة التي قدمت الشهداء الأربعة لا يفرقها عن الخنساء إلا أنها لا تقول الشعر، لو كانت قد التقتطها كاميرا أجنبية لاستقبلوها في المطار، وطوقوا جيدها بالأكاليل.!

وعشرات الأمثلة أخرجها لك الآن من أضيق زقاق لمجموعة من الناس من بلادي يؤدون الأمانة، ويقرون الضيف، وينجدون الملهوف ويكفلون الأيتام..

أقول ما أقول بين يدي مشاهدتي لصور راعٍ سوداني استقبلوه في المطار، لأن آخرين قالوا إنه (أمين) لمّا أبى أن يبيع نعجة..

لا نقلل من شأنه، لكن والده كان قد قال إن ما قام به ابنه شيء عادي ويمكن أن يفعله أي (زول) في حلتهم.. لو كان الاحتفاء سودانياً فقط، لقلنا إن الأمر فيه بعض الشعور بالإعزاز والانتماء، لكنه كان احتفاءً من غير السودانيين، أيضاً ما يعني أن الشعور (المستنير) من المسؤولين والإعلام قد غشيته غلالة من ميكافيلية أو فقد الثقة في الأخلاق ومكارمها من طول ما جُوبه به من تسلق وتملق واحتكاك ببؤر لتصنيع الإجرام أو تصفيح الفساد أو تصفح قصص الجرائم أو كما صادفت عند باب محام، إذ ألصق على بابه.. لا يكن ظنك إلا سيئاً..

إن سوء الظن من حسن الفطن

كم أردى امرءا في مخمصة

حسن الظن والقول الحسن

(الإمام الشافعي)

على أن هذا القول مني لا يعني بلا شك أن كل شيء (ألِسطة) أو أن ترسلوا رصيداً لمن يطلبه منكم كما يحتال محتالون.!

مع الوصية بمسك الجيوب عند ركوب المواصلات، وعدم حمل الحبوب لمن يوصيكم في المطارات.!!

[/JUSTIFY]

هتش – صحيفة اليوم التالي