الشبح
لا يدري أحد من أين جاء خبر الشبح للبلدة، لكن بعض قول صار كل الحقيقة
أعلن حظر تجول في البلدة فما عاد أحد يخرج من بيته انحصر
تواجه الأزواج لأول مرة كل الأيام.. عرف الأبناء آباءهم من طول اللقيا
أغلقت النوادي أبوابها، وسكت صوت المؤذن وشغرت الأسواق…
إن تراقص غصن شجرة جرى الأطفال إلى أحضان أمهاتهم وأمسك الرجال مسابحهم
مضت الأيام رتيبة وغريبة وجاعت بعض البيوت رقيقة الحال
وذات أصيل سمعت معظم البلدة صوت طرق على باب..
شخصت العيون وكبرت الظنون وبلغت القلوب الحناجر.. ترى هل وصل الأمر بالشبح إلى طرق الأبواب؟. لعله جاع من اعتصام الفرائيس ببيوتها!!
كان منزل حاج أحمد هو الأشد جزعا ذاك بأن الطرق كان على بابه.. انزوى الصغار والكبار والصبيان والفتيات في غرفة واحدة ووضعوا الأثقال وراء المنافذ وتعالى صوت القران من داخل الغرفة لكأن خلوة قد أقيمت.
لكن الطرق أصبح على باب الغرفة (السجن) وتصايح الأطفال جزعا إلا أن صوتا أتى من الخارج يستفسر عن الحاصل.. كان هو صوت ابنهم الغائب في المدينة البعيدة وكان قد عاد.. اسرعوا جميعا بفتح الباب له مخافة أن يلتهمه الشبح.
استفهمهم عن الذي يجري فقصوا له قصة الشبح
سألهم عن الضحية فلم يجدوا اسما
سألهم عن من راى الشبح فلم يجدوا إجابة
قال لهم إذن ليس هناك شبح
الشبح هو خوفكم الداخلي من شيء يتربص بكم.. أفسد الأفراح وعجل بالأتراح.. أنتم يا أهلي عبيد لقيود وهمية وأسرى في فراغ تصنعون مراكب في الصحراء وتجعلون نوقكم للبحار.. الشبح في خرافاتكم.. في قلوبكم.. في عقولكم..
إن نفضتم عنكم هذا المتخيل فلن تجدوا شيئا مما تخافون..
خرج ود حاج أحمد بكرسيه إلى الشارع وأقنع والده بأن يفتح باب الطاحونة
أطلت رؤوس من خلف الأسوار والحصون تستجلي الأمر..
جاء في الأول والد يتضور أطفاله من الجوع وتبعه آخرون
وفي ذاك الليل أضيئت المئذنة والمسجد وصدح لأذان العشاء صوت المؤذن وفتح النادي أبوابه وخرجت حتى النسوة إلى مكان السوق ليتقابلن بعد طول فرقة.
وامتلأت المساحات بالأطفال واللعب والمشاغبات وازدانت الحدائق بالأحبة.
…………..
عود لينا يا ليل الفرح
[/JUSTIFY]هتش – صحيفة اليوم التالي