هيثم صديق

يخوض مع الخائضين


[JUSTIFY]
يخوض مع الخائضين

هذا (قوز) وتلك (سهلة) وهذا (خور) وذاك (جبل) والكل يعرف (تضاريس) الأرض فلماذا تسمح الدولة للمواطن بأن يكون تحت (ضرس) السيل والمطر..

وستتجدد (الماساة) لأعوام وأعوام.. سيغرق الناس وتفقد الممتلكات، لأن لا أحد من مسؤولينا يقول لا..

وتتحمل الحكومة مسؤولية إهدار الأرواح والممتلكات وأموال البلاد وهي تعطي (السماح ) أو (الطناش) لقرية أو محلية أو وحدة إدارية أن تشيد على شفا جرف هار.. وحتى لا تتجدد المآسي والكوارث كل عام.. دعونا نؤشر نحو الجرح مباشرة عوضا عن الالتفاف حوله..

في بحري الكبرى لم تغرق القرى “التاريخية”..

وفي أم درمان لم تتأثر القرى (التاريخية).. وفي الخرطوم كذلك.. والذي تأثر إنما لأن هناك من سكن في مجاري السيل والمطر فأغلقها.. وذاك لأن القرى التاريخية كما قرى كل أقاليم وولايات السودان بما فيها قرى المتأثرين اليوم ممن اضطرتهم الظروف للهجرة عنها إنما كانت تقام على مرافع من الأرض، لذلك سيجد كل من سافر في هذه البلاد، بل وكل بلاد في الدنيا أن مجرى السيل واضح ومعلّم

لن تستطيع أي حكومة في الدنيا أن تجابه مثل هذه الكوارث المتكررة بفكر متحنط.. ولا أن تخفف الأمر على المنكوبين وتشاطرهم المأساة بالخوض في المياه كما يفعل المسؤولون عن الأمر فينا وعن الكارثة..

إن كانت لا توجد إمكانات لإنشاء مصارف متينة ودائمة تستوعب ما قد يطرأ.. ولا إمكانيات لإقامة بنايات رأسية لتقليل (الفرة) في انبساط الأرض.. فلا أقل من منع الناس أن يتخذوا مساكن يأوون إليها من أمام جيش سليمان المطر

وتلك النملة قد قالت لأخواتها.. ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده..

نعرف أن النصح غداة المأساة مر وغير مهضوم، لكنه يبقى خلاصة الأمر وزبدة الرأي.. ويبقى القادم الأسوأ متوقعا دوما فلماذا لا (يجلى) من الناس من يتوقع بأن الخطر يترصدهم إلى مناطق آمنة قبل أن يدهمهم داهم فيفرق شملا وينكأ جراحا..

كم من منخفض كانت تتجمع فيه مياه الأمطار لأسابيع رأيناه قد تحول إلى (حلة) بمدارس وأسواق..

قليلا وانبعثت أصوات الاستغاثات والثواكل وينادون مروءة الحكومة..

والحكومة تتطلب منها مروءتها بأن تهب للناس مساكن آمنة ومأوىً دائما بلا مخاوف.. وأن تمنع بحكمة الحاكم من يريد سكنا في (رخو) من الأرض.. لولا أن الحكومة – غفر لها الله – تتعامل بفقه (تاجر جشع) لما تريد أن تبيع أرضا (غفرا) لأولي (فقر) ينامون شهورا على هموم قديمة ويستيقظون صباح يوم بئيس وقد غدت كل ممتلكاتهم في خبر كان وأرواحهم في خطر..

[/JUSTIFY]

هتش – صحيفة اليوم التالي