هيثم صديق

مرض الايبو نعم


[JUSTIFY]
مرض الايبو نعم

قال الفرزدق مادحا سيدنا زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين لما رأى إنكار الخليفة هشام بن عبد الملك له:

هذا الذي ما قال لا قط إلا في تشهده

لولا التشهد كانت لاؤه نعم

*قلت لمحدثي إن مرض الايبو نعم أشد خطرا وفتكا من الإيبولا الذي أعيا الطبيب المداويا، وجعل منظمة أطباء بلا حدود تعلن عجزها عن مكافحته وسط تطورات مقلقة بشأن تغلغله في بعض البلدان مع توقعات بانتشاره لعشرات الآلاف في ليبيريا في بضع أيام كما أعلنت منظمة الصحة العالمية.

الإيبو نعم هو مرض (التزكية) والإجماع السكوتي وتمرير القرارات بلا مناقشة ولا معترض من أدنى المستويات إلى أعلاها في بلاد في كافة التخصصات والاتجاهات.

وكانت نتائج الانتخابات تصل بنسبة فوز تنقص واحداً في المائة من نسبة الكمال للفائزين حتى خرج نشيد أيام الرئيس الراحل يقول (بنقولا نعم لنميري نعم).

لقد وصل مرض الإيبو نعم حتى إلى النقابات التي أنشئت في الأساس لتناقش وتنافح وتدافع وتحافظ على حقوق المنسوبين لها أو المنسوبة إليهم فأصبح فوز الضباط الثلاثة لأي نقابة في أي انتخابات هو الأساس ليكون اهتمام المواطن العادي بالانتخابات باهتا إن لم يكن معدوما لعلمهم بأن صوته سيكون بلا معنى لأن من يقول نعم لا يرضى بمن يقول لا

ولقد أنشد أمل دنقل قبلا في قصيدة علامة سماها (كلمات اسبارتكوس)

المجد للشيطان معبود الرياح

من قال لا في وجه من قالوا نعم

ولا نريد أن يقول الناس لا لمجرد المعاكسة كما لا نحب أن يقولوا نعم لمجرد إرضاء (المنعم عليهم)

لقد قرأت نعيا لأحد قرائب أحد المسؤولين جاء فيه أنهم ينعونه لجميل معشره و.. من التي تقال في يوم الشكر، وقد يكون المرحوم حاملا لتلك الصفات وأكثر، ولكن العجب أن النعي من جهة نقابية علاقتها بالمسؤول لا بأهله، فمن أين عرفوا مآثر قريب المسؤول أم أن القرين إلى المقارن ينسب؟

الإيبو نعم مرض عضال، وفتاك أودى بحياة وحضارات شعوب، وقد نهى عنه الفاروق عمر في أول عهده بالخلافة فقال: لو رأيتموني معوجا فقوموني، فنهض إليه إعرابي وقال لو اعوججت لقومناك بالسيف.. ثم مضي الزمان فجاءت الأخبار أن خليفة للمؤمنين قد أراد صيد عصفور فأخطأه، فقال له وزيره أحسنت، فقال الخليفة أتسخر مني قال الوزير لا ولكنك أحسنت للعصفور بـ (تجليك) له.

[/JUSTIFY]

هتش – صحيفة اليوم التالي