في الصين .. استبدل الثوم بالذهب
دعك من رائحته، وفكر بما ستجنيه من أرباح” أو “استبدل مخزونك من الذهب بالثوم” هكذا أصبحت تجارة الثوم في الصين من أكثر التجارات رواجا هناك، حيث ازداد سعره خلال الأشهر القليلة الماضية ليسجل أرقاما قياسية بمعدل عشرين ضعفا ولا يزال الحبل على الجرار.
المئات من الصينيين العاديين وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها من أصحاب الملايين، شين فا دي أحد تجار الجملة لم يصدق ذلك ولم يعد قادرا على حساب أرباحه ولا على التخطيط لما سيفعله في المستقبل.
يقول إنه سيخلد للراحة ويتقاعد في العام القادم فقد باع في خمسة أشهر أكثر من ستة آلاف طن من الثوم بثمانية إيوانات للكيلوغرام الواحد وكان قد اشتراها بمعدل إيوان واحد فقط للكيلوغرام.
أما شاو مينغ تشينغ الشاب اليافع الذي تخرج للتو من الجامعة ولم يتمكن طوال عدة شهور من إيجاد فرصة عمل، فنجح الآن في اقتناء سيارة فاخرة يقودها بفخر والسبب هو انخراطه في تجارة الثوم.
لكن هذا الارتفاع المفاجئ في أسعار الثوم أربك الأسواق وأثار جدلا لدى الخبراء حيث يعتقد البعض أنه لا تزال هناك فرصة لموجة ارتفاع جديدة، بينما يرى البعض الآخر أن الحكومة قد تتدخل لضبط الأسعار تحت وطأة ضغط المواطنين وسخطهم جراء هذا الارتفاع المفاجئ والكبير للأسعار، فالثوم مادة أساسية على المائدة الصينية.
غذاء ودواء
ويرجع السبب المباشر في زيادة الإقبال على الثوم إلى رواج معتقدات شعبية وشائعات انتشرت بين الناس بسرعة فاقت سرعة انتشار رائحة الثوم باعتباره يقي من إنفلونزا الخنازير.
وكانت صحيفة تشايناديلي الصينية ذكرت في أحد أعدادها الأسبوع الماضي أن أحد المدارس الثانوية في مدينة خانجو -إحدى المدن الغنية شرق الصين- اشترت حوالي مائتي كيلوغرام من الثوم وأجبرت الطلبة على أكلها كي تضمن عدم إصابتهم بالمرض أو انتشار العدوى بينهم.
أما وزارة التجارة الصينية فقد ذكرت في موقعها الإلكتروني عن خبير في الطب التقليدي الصيني نفيه أن يكون الثوم بالفعل بديلا للقاح إنفلونزا الخنازير كما هو شائع بين العامة.
وسجلت المدن الصينية حالات مماثلة لسلع مختلفة حيث كاد الخل والزنجبيل وأيضاً الفلفل الحار أن تختفي من الأسواق إبان أزمتي انتشار مرضي سارس وإنفلونزا الطيور.
رائحة ثوم أم “مؤامرة”؟
واعتبر البعض وفرة المحصول وزيادة العرض في الأسواق عادة ما تؤدي إلى انتشار الشائعات للترويج لسلعة معينة.
أما البعض الآخر فيميل إلى نظرية المؤامرة ووقوف أياد سوداء وراء ذلك فبالعودة إلى العام الماضي لوحظ أن أسعار الثوم شهدت تدهورا ملحوظا وصل إلى أقل من نصف إيوان للكيلوغرام الواحد وانتشرت شائعات تنصح المزارعين بعدم المجازفة بزراعته لهذا الموسم ويتساءلون من أين جاء كل هذا المعروض في الأسواق إذا؟
الخبير الاقتصادي في جامعة العلوم والتكنولوجيا خو شين دو يقول للجزيرة نت “إنه لا يعتقد بأن كمية الثوم المعروضة في الأسواق هي السبب في ارتفاع أسعاره لأن الثوم برأيه كغيره من المنتجات الزراعية تتبع لإنتاج مخطط له وله بورصة خاصة تتحكم بأسعاره”.
لكنه أشار إلى أن “المشكلة الكبير هي أن المستفيد الأكبر من ارتفاع الأسعار هم الوسطاء التجاريون وتجار الجملة وليس المزارعين وذلك ما يؤدي إلى تراجع قطاع الزراعة في الريف الصيني”.
ويؤكد الباحث “أنه آن الأوان لتشكيل جمعيات للمزارعين للاعتناء بتثقيفهم حول كيفية جميع المحاصيل وبيعها بأسعار عادلة تتلاءم مع وضع السوق”.
وتعتبر الصين أكبر منتج للثوم في العالم إذ تنتج أكثر من عشرة ملايين طن سنويا وتهيمن على حوالي 90% من حجم تجارة الثوم العالمية وتليها في ذلك ألمانيا وإسبانيا.
ولكن يبقى هناك فارق كبير بين سعر تصدير الثوم الصيني الذي يقف عند حاجز دولار ونصف الدولار للكيلوغرام مقابل عشرة دولارات للكيلوغرام بالنسبة لثوم كاليفورنيا الأميركي وفق نوعية كل منهما
الجزيرة نت