هيثم صديق

أرجوكم غطوا جثتي


[JUSTIFY]وهذه ربما كلمات طفل في الثالثة من عمره قطعت أمه عنقه في عطبرة في لحظة مجنونة من عمر زمان مجنون لكن لم ترحم (الجلكسيات) رقدته الأخيرة، فتزاحمت الفلاشات لتصوير مأساته ورأسه يبعد عن جسده مسافة ابتعادنا عن (السترة)..

أرجوكم غطوا جثتي قالها صبي مبتور القدمين بعد حادث مروري شنيع، فاستغل أحدهم التهاء المنقذين وصوّر بشاعة المنظر

أرجوكم غطوا جثتي قالتها امرأة غدرها غادر بـ (عكاز) فنزفت حتى الموت وقد صبغت الدما شعر رأسها الذي لم تكشفه أبدا لغريب فأصبح يراه كل الغرباء!!

أرجوكم غطوا جثتي ابني قالها والد أو والدة وصور ابنهم الغريق أو الحريق أو اللديغ تتبادلها البلوتوثات التي لوثت صفاءنا ولخبطت صفنا وصفت دمنا وعكرت صافينا..

أرجوكم غطوا جثتي قد أقولها أنا وتقولها أنت، فلا تدري نفس بأي أرض تموت وبكيف طريقة تموت، فلا يعلم الغيب إلا الله..

تعتذر القنوات الفضائية عن بث صور تقول إنها مريعة ولا يعرفون أن الطفل المفطوم يتلهي بموبايل والده الذي يحوي فظاعات أكبر من التي تحجبها القنوات..

انتهى زمان بلص 18 لما أصبحت السينما والأفلام تحوي مناظر ومشاهد أقل دموية أو أفلاما أقل إباحية، مما ترفدنا به كل صباح جديد رسالة جديدة مجهولة أو معلومة آخرها كان صورة لسيدة في (حفرة الدخان) تصور نفسها وتطلق ساقيها للأثير، وقد حجب الناس قصيدة حفرة الدخان للمجذوب صاحب ليلة المولد مراعاة للمشاعر التي كانت رقيقة قبل أن تصبح رقيقا وعبدة لكاميرات آخر الزمان.

أرجوكم غطوا جثثنا إن متنا وأعراضنا لما تصور فتاة صديقاتها في براة رقص (ستأتي) في بيت وداخلية فإذا كل مستور منشور ومشهور.

نرجوكم أن تغطوا كاميراتكم عن أعراضنا وستورنا وأن يعود مقنع الكاشفات فينا من جديد وأن تعود معاني الأغنيات أوضح من موسيقاها الراقصة ..

في وسط الفريق للفارغة ما بتحوم

لا بتنلام ولا بتعرف تجيب اللوم

ود ناسا عزاز جمعوا المكارم كوم

تفخر بيك بنات البادية والخرتوم

هناك مقال لعلي المك اسمه (جيل العادة السرية) نعي فيه جيلا قديما..

لو نهض الأديب الكبير هذا الزمان لا ندري ماذا يقول والعادات الجهرية لم تبق شيء

أيها الطفل المقتول سامحنا نحن، فستسامح أمك بكل تأكيد!!
[/JUSTIFY]