هيثم صديق

بريد الزول الحماني الغمضة


[JUSTIFY]والأغاني السودانية لها مفعول السحر في أفئدة عشاقها فإنك لتعجب كيف (ينقز) ذاك الرجل الذي لا يصلي إلا جالسا ولا تفارقه عصاه.. يتوكأ عليها، لكن كلمات الأغنية الحماسية وموسيقاها تجعلك تشاركه..

ومن كرمات أغاني الحماسة أن كل وصف للفارس يلبسه الجميع، فتراهم فراسا في ساحة (الموسيقى) وسيفهم في الخيال قلام..

وعند أغنيات الوجد والجوى لربما ضبطت دمعة متسللة من عين لم تكن تحسب أنها تبكي، فالريد (بتاور)..

ولأغاني المناحات عشاق وعاشقات تصل ببعضهم لدرجة (المخاخيط) مع الاستغفار..

وشعراء الأغنية السودانية من اشتهر منهم ومن استتر يجتمعون في (السهل الممتنع) وإدخال الكلمات الدارجية المسالمة في خضم معركة البناء للقصيدة.

وكنت قد قلت لصاحب لي ونحن في الجامعة كلمة (نان) ضمن كلامي معه فحاول الاستهزاء بي لكني أرجعته لأغنية على شبيكة مع ثنائي العاصمة (بس نان وينها الحنية).. فبهت الفتى، وقال له الأصحاب “ما قالوا عليك شفت بس نان وينها الشفتنة”.

وبعض الأغنيات التي تأخذ الانتباه تأخذك بعيدا جدا وتستدعي الذكريات والمستقبل معا (كل حسب عمره)..

فإن أغنية حبيت عشانك كسلا للحلنقي والتاج مكي تستهويني شخصيا من حناء أظافرها وحتى ضفائرها، فهذه أغنية (صبية) وحينما أسمع (وعلي الرمال آثارك طرتني ليلة عيد) فلا أبرح حتى أشرق بالدمع.

و(مخدات الطرب) لا توجد إلا على أسرة الأغنية السودانية الوثيرة قبل أن ينومونا على الأرض (نتقلب) بحرامي القلوب المتلب.

وأذكر حوارا لياسين إبراهيم مع الشيخ الهدية عليه رحمة الله في التلفزيون وعرض له أغنية إسماعيل حسن ووردي “دي الإرادة والمقدر لابد يكون” فهتف الشيخ: “ده توحيد”..

وتعاليم الدين لم تنفك من أغنيات السودانيين من لدن ود الرضي “سنة الإسلام السلام” وحتى محمد يوسف موسى “الانكتب على جبينا الليلة بان”..

وسرب الأغنيات الحسان قد غطى بأجنحته الفضاء يزحمها بالتغريد والخفقان والأسماء تتزاحم من الفنانين الكبار والشباب المجيدين ينتخبون ثمين الكلمات جيلا بعد جيل ويعرضونها على فترينات حناجرهم (متمرة) وتحيطها الأضواء والمشاعل والمشاعر.

وردي غنى المستحيل وإبراهيم عوض غنى المصير، وكل أغنية دنيا “أنا في انتظار عينيك كملت الصبر كله”.. “غدا نكون كما نود”، ولن تستطيع صحيفة لشهر أن تضع العناوين فقط لسيرة ومسيرة المغنين والشعراء في بلاد “الكلمة الطيبة.. الكانت منهم حلوة”..

لكن ملاحق فنية وشبابية ونسائية وطلابية وحرفية و و و قد وعد بها رئيس التحرير سنحاول أن نرضي بها من طالبنا بأن نكتب في الفن والمنوعات ونرضي بها أنفسنا المحبة لهذا الضرب من الكتابة ولو مرة في الأسبوع، وقد نبدأ بالأسبوع في الأغنية..

(أسبوع تمام) و(لو أسبوع اقلو) و(قمر السبوع الدائر)..
[/JUSTIFY]