سياسية

باقان: الجنوب في حاجة للشمال

قدم الاستاذ أحمد عبدالرحمن محمد الأمين العام لمجلس الصداقة الشعبية العالمية بالدعوة لقادة الحركة الشعبية للإحتفال بعيد الاستقلال وأعياد الميلاد المجيدة، الدعوة قدمها لأعضاء المكتب السياسي للحركة الشعبية عبر ياسر عرمان الذي بدوره أفاد باقان أموم، وكان الحضور مساء الثلاثاء بحديقة مجلس الصداقة الشعبية يضم منصور خالد وباقان وعرمان ولوكا بيونق ود. لام أكول ومحمد المعتصم حاكم يجاورهم في ذات المائدة المستديرة د. إبراهيم غندور وفتحي خليل والاستاذ أحمد عبدالرحمن وبمائدة أخرى مقاربة جلس الاستاذ عبدالله دينق نيال وبعض قادة العمل السياسي بالحركة الشعبية وتفرق بين الحاضرين د. محمد الأمين خليفة استطاع ان يجمع بين كل هؤلاء رغم اختلاف المشارب السياسية الاستاذ أحمد عبدالرحمن ومجلس صداقته الشعبي، فكان الود ولو بضع ساعات بين «الوطني» و«الشعبية» و«الشعبي».
12302010102746AM1
باقان: حديث بنفس بارد
باقان أموم وزير السلام بالحركة الشعبية، كغير عادته في التصريحات «الحادة» التي تتصدر أجهزة الإعلام، جاء حديثه بنفس بارد أثناء مخاطبته احتفال مجلس الصداقة، اتخذ من الجوانب التاريخية مرتكزاً أساس لحديثه، معرباً عن آماله ومآلات دولة الجنوب القادمة، تطلعاتها واحتياجاتها وحاجتها للشمال كشعب ودولة في النهوض، إذ أنها تفتقر لأبسط مقومات الدولة نتاجاً للسياسات المنيعة والمتعاقبة في إدارة الجنوب.
بينما كان «باقان» يتحدث لم تخل الموائد المستديرة من بعض المناقشات التي «-تخلو من السياسة-» تدور، في المنضدة التي عليها غندور وعرمان كُثر الحديث وبعض الابتسامات،ربما كانت تعقيباً على ما يقول باقان.
باقان لم يعرج بحديثه كثيراً عن «المشاكسات» إنما عن الجنوب والجنوبيين وتطلعاتهم ولم يخف ان الدولة السودانية فشلت في تطوير نظامها السياسي وآلية الحكم وفشلت الحكومة الحالية في تطوير الشراكة مع قرينتها الحركة الشعبية خلال فترة السنوات الخمس الماضية عقابيل نيفاشا، وأضاف: يجب علينا أن نلقي بلائمة الإنفصال الذي هو أقرب الآن على عاتق الحركة الشعبية أو المؤتمر الوطني أو الحكومات السابقة، الآن أقول إن الاستفتاء القادم حسب الواقع الموضوعي. في الجنوب وأوساط الجنوبيين، فالغالبية العظمى سيختارون الإنفصال، من اليمين الى اليسار، مع الانفصال الآن سواء الرئيس البشير أو سلفا كير أو السيد الصادق المهدي أو لام أكول أو بونا ملوال، والإنفصال أصبح واقعاً.
ما بعد الإنفصال؟
تقدم باقان بسؤال عن كيفية التعامل بعد الإنفصال بين دولتي الجنوب والشمال، مبرزاً في حديثه أهمية قبول الاستفتاء ونتائجه أولاً.
وأضاف: نحن أساساً كسودانيين موجودين في المنطقة منذ أكثر من «505» أعوام، رغم تعدد الحكم وطرقه وهوياته، الفونج كانوا يشكلون توحداً سياسياً واجتماعياً وهم ليسوا من «بنو أمية» هم «بنونا» نحن الشلك ومتصاهرين معاً!
وأضاف: الفونج بعد دخولهم الاسلام قدموا من الجنوب وخربوا مملكة سوبا المسيحية وطلعوا «صليبها» وحتى الآن السودانيين لما يتشاجروا يخاطب أحدهم الآخر «بطلع صليبك» هذه المقولة تعود إلى تلك الأيام.
وتطرق أموم في حديثه الى تعاقب الحكومات في السودان «إنجليز – أتراك – مصريين» وذهبوا وبقى الشعب السوداني في بقعته مترابطاً ومتواصلاً.
وأضاف: أن الدولة في تحدٍّ جديد وتاريخي في حالتي الإنقسام وفي رأيي من الحق ان نستفيد من الاستفتاء لخلق دولتين متجاورتين متعاونتين، وتبدأ بمشاريع جديدة – فرصة يجب أن لا نضيعها.
نحتاج للشمال:
باقان في حديثه تقدم بطلبه الى الشعب الشمالي بالتعاون مع الجنوب حتى يبدأ مشوار دولته الجديدة وبنائها، وهناك تحديات كبيرة جداً.. الجنوبيون حقيقة محتاجين للشمال لنهوض دولتهم وخلق علاقات جيدة وعلينا بالكف عن تحميل مسؤولية الإنفصال لبعضنا البعض، ونواجه المرحلة القادمة بالتعاون الحقيقي حكومة وشعباً، فنحن الأقرب لبعض وتوجد مصالح مشتركة كالبترول مثلاً حتى لا نقع فريسة لمزايدات وطمع الشركات ونستفيد من مواردنا معاً بدلاً من أن تذهب لغيرنا نتيجة للتشاكس السياسي.
حدود مرنة
وختم حديثه الذي جاء كغير عهده -بنفس بارد- الحدود ستبقى دولية ولكن يجب ان نحولها لحدود مرنة لا تحول دون حركة الرعاة والمواطنين الذين تربطهم مصالح معيشية بالجانبين، المرور يجب أن يكون بلا جوازات سفر.
وأكد أن الاتجاه لإيواء المعارضة في الجنوب أو الشمال سيلحق الضرر بالطرفين، سيما أن الخرطوم تحتفظ بمعارضين جنوبيين وجوبا يحتمي بها المعارضون الدارفوريون – إن كانوا سياسيين أو حركات مسلحة وكلهم لهم أطماع في السلطة – ويسعون للإستفادة من تدهور العلاقات بين الطرفين، ولكن يجب ان نتحد ونصل لخارطة طريق تقودنا لبناء دولتين مستقرتين في المناخات السياسية والاقتصاية والأمنية والاجتماعية.
ولما همّ بالإنصراف الحق الحاضرين بأنه على الأقل سيكون لنا صوتان في مجلس الأمم المتحدة بدل صوت واحد.
قال باقان ما أردا -بنفس بارد- هذه المرة وعلى حد قوله باعتبار انه بعد شهر يوليو القادم لا يحق له الحديث باعتبار أنه لن يكون جزءاً من الدولة بل مواطناً في دولته الجديدة.
عميد الأحفاد
منحت المنصة الرئيسية للإحتفال بروفيسور قاسم بدري الأكاديمي المعروف وعميد جامعة الأحفاد للبنات الفرصة للمداخلة والتعقيب على حديث الساسة.واعترف بدري بأنه لا شأن له بالسياسة ولكنه يحيره مغائل أناسها وكواليسها.. وكان قدتحدث قبله د. حسين أبوصالح وجاء في قوله: إن التعايش الاجتماعي متوتر في جميع أنحاء السودان، مستعرضاً تجربته العملية في دارفور والجنوب وجنوب كردفان في ستينيات القرن الماضي، واعتبر أن نظام الحكم في السودان هو ما يجر الى مشاكل أدت الى استفتاء تقرير مصير ما كان يجب ان يكون، معتبراً ان فكرة -الإنفصال- خاطئة، وستكلف البلاد كثيراً في المستقبل.
ما جعل بروفيسور بدري يدعو لتوفير «قروش» الاستفتاء وتحقيق الإنفصال الذي حسم أمره الطرفان في جلسة ودية طالما هو قائم.. قائم ومقبول بين الطرفين.
وقال بدري إن الاتجاه لتكوين حكم بمسمى الولايات المتحدة السودانية ربما يكون حلاً مستقبلياً لتفادي انفصال الجنوب – الشرق- الغرب وحتى لا ينحصر السودان في (مثلث حمدي).
بدري – يرى أن الشعب باقٍ ما بقي الوجود- والحكومة والمعارضة – طال بها العمر أو قصر ما بتقعد. ملمحاً الى أن السودان هو البلد الوحيد الذي لم يمت له رئيس على سدة الحكم.
بدري -كمواطن- قال إن الممارسات السياسية أرهقت الشعب -عينهم في الصالح وبيعملوا الغلط- ما عارف – ما فاهمين- أم هم أكثر فهماً منا معتبراً أن هذه هي شيمة السياسة في العالم أجمعين!!
آراء.. وآراء
الأستاذ عبد الباسط عبد الماجد وزير الثقافة الأسبق قدم الاحتفال في مقابلة سابقة له مع الوزير الكويتي (الرميحي) ذكر أنه قال له (إذا اجتمع ثلاثة سودانيين يكون لهم أربعة آراء)!!
الشئ الذي جعله يرد عليه بأن الرأي الرابع يكون توفيقياً، على هذه المداخلة الذكية قدم الأستاذ أحمد عبد الرحمن محمد الأمين العام لمجلس الصداقة الشعبية.. الشيخ أحمد عبد الرحمن وجد حديثه ارتياحاً من جميع الحاضرين بإصغاء تام باعتباره من الشخصيات -المتفق عليها- حكومة وشعباً ومعارضة، وقال إنه قصد تكريم باقان وإخوانه ولكن الاحتفالية (ليست حفلة وداع) بل جلسة لإنطلاقة جديدة بروح جديدة لإستدامة التواصل والتفاكر وعلى قول رفيقي أيام الطلب سيف الدين الدسوقي الشاعر (نحنا يا دوب انتهينا) واعتذر عن عدم إلمامه ببقية نص الأغنية مشيراً الى (عرمان) بأنه بيكون حافظها! وأشار الأستاذ أحمد عبد الرحمن الى تجربة تشيكوسلوفاكيا في الانفصال السلس، وأضاف أن السياسة هي عمل الواقع والخيار الأفضل في الوقت المناسب.. ربما يكون الانفصال بسلام أفضل من التقتيل والحرب والصراع.
ودعا لخلق علاقات حميدة معتبراً أن الانفصال هو خيار صعب لكنه بأي حال أفضل من الحرب.
ونبه أحمد عبد الرحمن الى أن الحركة الشعبية ربما تدفع الثمن غالياً في الجنوب في المرحلة المقبلة للمناخ الذي خلقته إبان الانتخابات البرلمانية السابقة. وأضاف أن -نيفاشا- منحت الجنوب حكماً إقليمياً والمشاركة في الحكم بالشمال وعلينا أن لا نبكي على اللبن المسكوب في حالة وقوع الانفصال. وأشار الى تحيز جهات أجنبية لترجيح خيار الانفصال وإلا فكيف يلتقي -باراك أوباما- الرئيس الأمريكي بسلفاكير ثلاث مرات فيما ترفض الإدارة الأمريكية مقابلة مسؤولين من -المؤتمر الوطني!!
واعتبر أن الجزءين شمالاً وجنوباً يحتاجان لبعضهما، واعتبر اللقاء بحديقة مجلس الصداقة الشعبية هو بداية وليس نهاية وليس حفل وداع بل بداية لعمل جاد والتزام وتعهد وتواصل بين الشمال والجنوب.

الراي العام