ثقافة وفنون
موسيقى (الكيتا)… وين تلقو زي دا !
جمال المشهد..
عندما استمعت لدقات الموسيقا العالية وأنا أمر بأحد الطرق لفت انتباهي التجمهر الكبير للناس حولها فاكتشفت أنها «زفة» تخريج إحدى رياض الأطفال وكانت الفرقة الموسيقية المصاحبة فرقة «الكيتا»، وخلال مشاهدتي واستمتاعي بالعرض أثار انتباهي أن العزف لم ينحصر على الزفة فقط ولكنها شملت كل مراسم الاحتفال التي بدأت بإحضار الخريجين من بيوتهم بالعزف أمام منزل كل خريج حتى خروجه من المنزل واستقلال السيارة التي تقل جميع الخريجين بعد أن تقوم والدة الخريج بوضع النقطة للفرقة الموسيقية، وعلمت أن أداء الفرقة ينتهي بمرافقة الخريج عند إذاعة اسمه أثناء الاحتفال حتى يوصله إلى المنصة ليستلم شهادته ويعود بالسلامة محفوفاً بالدعوات والتمنيات من والديه وأهله..
أصول الكيتا..
ومزمار الكيتا كما تحدث إلينا الأستاذ أمير النور ـ الباحث الموسيقي ـ من أهم الآلات الموسيقية عند قبيلة البرنو وهم قبيلة عربية حميرية تبايعية من أحفاد سيف بن ذي يزن الذين نزحوا كتجار عرب من اليمن إلى السودان واستقروا في منواشي بدارفور.. ومزمار الكيتا أتوا به من اليمن وله عدة أسماء منها الكيتا والغيتا وهو أحد آلات النفخ التي تشبه القرب الاسكتلندية وصوتها أشبه بصوت آلة الترمبيت وتصاحبها ثلاث طبول هي «الطمبل، الركبة، الترمبيتا» كإيقاع مصاحب للكيتا بطريقة عزف الترومبيتات في الموسيقا العسكرية، وتوجد هذه الآلة بمنطقة المغرب العربي وشمال وغرب إفريقيا بذات الاسم وقد اشتُهرت الثقافة الموسيقية بمجموعات المندرا، البرنو، الهوسا والتي تقطن في كثير من المناطق بالسودان بمزمار الكيتا والتي يرجع ظهورها إلى القرن الرابع عشر الميلادي..وأضاف الأستاذ أمير أن الكيتا تراث أصيل لقبيلة البرنو الوافدة من غرب إفريقيا إلى السودان ولهم علاقة قوية مع السلطان علي دينار بدارفور ولهم وجود في دعم الاقتصاد السوداني «الإنتاج الزراعي والتجاري» وقد ذكرهم عون الشريف قاسم في موسوعته بأنهم وجدوا في السودان منذ أكثر من «700» عام حتى الآن، ومن أشهر فناني البرنو الذين ذكرهم أمير البرنو داود عمر هارون محمد عبد العزيز محمد داود والفنان عمر إحساس..
مكونات آلة الكيتا..
تتكون آلة الكيتا في السودان من أربعة أجزاء هي: الكروكرو وهو عبارة عن أسطوانة مخروطية غالباً ما تكون من النحاس الأصفر يُثبت على فتحتها العُليا مبسم «بُروزام» ضيق من القصب شبيه بمبسم مزمار الأوبو وقمع من الصفيح لتسهيل عملية النفخ عليه.
البوني: وهو سطح من القنا يُجلَّد بجلد ذنب البقر
العمود المحدّب وهو أيضاً يُكسى من جلد البقر
الفندك «البوغ» ويصنع من شجرة البكر ويكسو من جلد الماعز..
عند النظر لآلة الكيتا سنجد أن لها أربعة ثقوب تنتج نظام نغمي خماسي ذو أبعاد متساوية وخالٍ من نصف الدرجة الصوتية، وقبل العزف عليها يقوم العازفون بتليين التجويف الداخلي للفم عن طريق استخدام مضمضة من نبات أشجار السنط والقرض بغرض تسهيل عملية توسعته وتحويله إلى مستودع للهواء «قربة»..
كيفية عزف موسيقا الكيتا..
يصاحب مزمار الكيتا ثلاثة طبول ذات شكل أسطواني مختلفة الأحجام تُحمل على الكتف وتُنقر اثنان منها «الركبة، التمبل» على أحد جنبيها بعصا معكوفة ويُضرب الجانب الثاني منها بكف اليد بينما يُنقر الثالث «الترومبيت» على جانب واحد بواسطة عودين مستقيمين..
لدى لقائي بعازف آلة الكيتا آدم محمد عباس علي أشار إلى أن السودانيين يميلون إلى موسيقا الكيتا لتصاحب العديد من المناسبات منها مراسم الزواج الأولية «العقد، إفطار العريس» إضافة إلى المناسبات الصغيرة كالختان وحفلات التخرّج الجامعية ورياض الأطفال، وقال إن الفرقة تأخذ مبلغ «500» جنيه مقابل عزفها في المناسبة التي تستغرق حوالى ساعة ونصف وقد تزيد بوجود النقطة في المناسبة والتي إن لم تكن موجودة فإن النسبة تزيد وتتراوح من احتفال لآخر ما بين «300» جنيه و«400» جنيه.. وأشار إلى أن أغلب المعزوفات التي تتم أغاني السيرة والتمتم والأغاني الحماسية وهي من أكثر الموسيقات طلباً في الأفراح السودانية والاحتفالات القومية، كما أنها في السابق كانت وسيلة جمع الناس في حالة الحرب والسلم والأحداث المفاجئة بضربات معينة تنقر على هذه الآلات، أيضاً عند زيارة أحد المسؤولين الكبار لمنطقة بها قبيلة البرنو والهوسا..
وتعلّم النفخ على مزمار الكيتا كما أشار العازف آدم محمد يتطلب وقتاً طويلاً ومجهوداً جباراً قد يستغرق أكثر من سنة، وتحوي مدينة الخرطوم سبعة فرق بحي مايو والإنقاذ، كما أن هناك بعض الفرق بأمدرمان والخرطوم بحري وهي من أقدم الفرق، وأي منطقة يعيش به البرنو والفلاتة توجد بها فرق للكيتا.
إرث تأريخي..
في حفل رفع راية الاستقلال في السودان بحضور الزعماء السياسيين إسماعيل الأزهري ومحمد أحمد المحجوب والزعماء الروحيين السيد عبدالرحمن المهدي والسيد علي الميرغني، كان من ضمن فرق الموسيقا السودانية التي شاركت في الاحتفال فرقة مواطنين جذورهم تعود إلى دولة نيجيريا تعزف موسيقا «الكيتا».وبعد أن كادت فرقة الكيْتا تدخل متحف تاريخ الموسيقا لتُصنَّف كواحدة من الحضارات التي سادت ثم بادت نجد أنها عادت مرة أخرى لتأخذ موقعها على خارطة المناسبات السودانية ليس من جانب المظاهر المبتدعة بل إحياءً لها ولتراث البرنو الأصيل..
الخرطوم: رباب علي
صحيفة الانتباهة
للفائدة البرنو ليسو عرب::…………
قبيلة البرنو لم تكن عربية طرفة عين ولا ادري ما هو المغزى من الصاقها بالعرب ياناس صحيفة الانتباهة