سياسية
سفير السودان بدولة الجنوب مطرف صديق في حديثه
هناك تعاطف بين جنوب السودان والجبهة الثورية!!
أنا لست في موقف لأحدد ما هي الآليات الإستراتيجية
البشير وسلفاكير ليسا خالدين في الحكم!
هناك من يريد بناء علاقة جيدة مع الشمال بعد ذهاب المؤتمر الوطني!
كنت أقرأ تحذيرات البعض بأني شخصية أمنية خطيرة!
>>>
يبدو أنها أطول فترة تهدأ وتستقر علاقات دولتي السودان منذ انفصال الجنوب عن الشمال 2011.. فالتوتر والاتهامات والحرب الإعلامية والسياسية والاقتصادية هي أبرز الملامح والسمات التي جمعت البلدين منذ عامين.. في الخرطوم لازالت التأكيدات تأتي من جهات متعددة أنه لا مناص إلا من علاقة إيجابية يسودها التعاون والمصالح المشتركة مع دولة جنوب السودان، وهناك في جوبا، زادت الرغبة بإبعاد التوتر وبناء علاقة ممتازة مع السودان.
سفير السودان في جوبا، مطرف صديق، كان لنا معه جلسة لتناول محاور مختلفة، منها العام والمتعلق بعلاقات الدولتين، رغباتهما ومخاوفهما، والخاص المتعلق بشخصية مطرف (الأمنية) التي كان يُحكى عنها في جنوب السودان.. فإلى ما أدلى به:
<<< حوار: لينا يعقوب <<< *علاقة السودان وجنوب السودان مبنية على أفراد، إن تحسنت علاقاتهم تحسنت علاقات الدولتين وإن توترت ساءت العلاقات، وإن ابتعد بعضهم عن مركز صناعة القرار سارت الأمور كما يجب.. علاقة غير مبنية على مؤسسية؟ لا أستطيع أن أقول ذلك..فنحن ما نقوله مبني على نبض الشارع. *هل تتفق مع هذه الملاحظة أم لا؟ أنا ألحظ هذه الملاحظة قبل التغييرات التي أجراها سلفاكير بإبعاد هؤلاء الأخوة، وشعرت بهذا الأمر بعد فترة من إقامتي، ومتأكد بأن المشاعر أقوى من الأشخاص وهي التي ستشكل رغبة المستقبل في علاقات سياسية بين البلدين. *لكن حتى المشاعر أصبحت تتغير نتيجة للتغيرات السياسية بين الحكومتين؟ الإعلام لا يعكس نبض الشارع والجمهور.. في قمة العداء تجد هناك من يتعاطف ويشفق على هذه العلاقة، مثلا حينما حدثت مظاهرات سبتمبر في الخرطوم وجدنا إقبالا كثيفا لطلب الحصول على تأشيرة.. وهذه حقيقة، أكثر وقت نشهد فيه إقبال من إخوتنا في دولة الجنوب على الحصول على تأشيرات في أوقات توتر.. وحينما يكون هناك هدوء في العلاقة يكون مستوى الإقبال عاديا، وهذا مؤشر لا يستطيع أي إنسان أن يتلمسه إلا أن يكون مقيما هنا في جوبا وفي السفارة.. هناك إحساس وخوف من تردي العلاقة لأنها تؤثر على مشاعر الناس وأمنهم ومعاشهم، وانفراج العلاقة ينعكس على حياتهم واقتصادهم، والعلاقة بين الدولتين بها خصوصية. *أصعب ما يواجه عملك كسفير؟ تحدي الفهم.. *من أي جهة؟ من الجهتين وبما فيها شخص الإنسان، أكبر تحدي يواجه العلاقة هو تحدي الفهم والرؤية السياسية والاستراتيجية، وهو أكبر هم بالنسبة لي، كيف نشكل رؤية مشتركة لمستقبل العلاقة بين الدولتين، إلى الآن أرى أماني لأن الرؤية تتطلب إجراءات وإرادة وآليات، أي علاقة تكون على أساس شخصي ليس على أساس مؤسسي مشوبة بالحذر والوقتية، لكن العلاقة حينما تنبني على أسس استراتيجية مشتركة لن يحدث هناك اختراق في العلاقات، هذا هو الهم الأكبر.. أنا لست في موقف لأحدد ما هي الآليات الإستراتيجية.. فالبعض لايزال يرى أني جزء من المشكلة فكيف أكون جزءاً من الحل، وأنا أسعى بأن أنأى وأرتفع فوق هذه الأمور، وفي النهاية أنا أؤدي وظيفة للدولة محكوم برؤيتها ومصالحها.*هناك قادة من دولة الجنوب، لم يكن لديهم رغبة للتعامل معك على أساس خلفيات معينة.. كيف تعاملت معهم؟ نعم صحيح، وحتى هذه الأمور ذكرت في بعض وسائل الإعلام، أني شخصية أمنية. *وهل كسرت الحاجز أو أثبت العكس؟ من أشاع هذا الأمر ليس في مصلحتهم أن تنصلح العلاقة بين السودان ودولة جنوب السودان، فقد بدأوا الكتابات حول هذا النوع والتحذير مني على أساس أني شخصية خطيرة وكنت أقرأ ما يكتبون *وماذا كانت ردة فعلك؟ كنت أقول والله أنا ذاتي ما قايل نفسي كده.. الإنسان إن وقع في شرك هذه الأشياء الصغيرة لن يسير إلى الأمام، فالأفضل تجاهلها وتأدية الواجب الذي أتيت من أجله، وأن أفادي هذه العلاقة التوتر والحرب، وهي الرؤية التي أتيت من أجلها، والقيادة قد أبلغتني ما تريد مني إنجازه، بتحقيق علاقة آمنة ومستقرة وبها تعاون ومصلحة وألا نعود إلى دوامة الماضي. *لكن هناك حقيقة مهمة، عدد من القيادات المؤثرة في دولة الجنوب، تعتقد أنه ينبغي عدم بناء علاقة جيدة مع النظام الحالي القائم في السودان، وأن العلاقات الإيجابية يجب أن تبنى مع حكومة أخرى مختلفة؟ نعم، هناك من يعتقد أن أي علاقة في ظل وجود المؤتمر الوطني ينبغي ألا تتم، وأن تغير النظام إلى نظام آخر يكون قريباً منهم وجدانيا؛ أمر ضروري لبناء علاقات تعاون بين الدولتين، لكن هذا خطأ لأن الدولة دولة، مهما كان الشخص بغض النظر عمن هو فلن يتنازل عن جزء من حدوده وأمنه.. فأي إنسان سيحكم السودان سيحافظ على أمن دولته ومصالحها، فهذا وهم إن تغيرت الشخصية ستتغير العلاقة.*مثلا إن غادر سلفاكير، وجاء باقان ومجموعته.. هل بإمكانكم أن تبنوا معهم علاقات جيدة؟ إن اشتركوا معنا في الفهم فلم لا، سلفاكير لن يكون خالدا في الحكم ولا البشير أيضا.. تغيير السلطة وتبدل الوجوه أمر حتمي، لذا لا داعي للتحدث عن الأشخاص وأنا أتفادى ذلك لكي لا نختزل العلاقة في شخصيات، كما أنها لابد أن تسمو على الأحزاب، فمن يأتي بعد المؤتمر الوطني يجب أن يلتزم بنفس الموجهات السياسية لأنه الشيء الصحيح بغض النظر عمن قام به، حتى الوطني ليس أول حزب يحكم السودان إنما ورثه عن آخرين.*إن سمحت لي دكتور مطرف، قلت بالأمس إن البعض لازال يحمل الوطني قرار الانفصال، ألا تعتقد أنكم (المؤتمر الوطني) تتحملون هذا القرار، فقبل الانفصال يتضح أن الجنوب كان منطقة فقيرة ومهملة الأمر الذي يبرر تماما تصويت المواطنين لخيار الانفصال الذي ترفضون تحمل مسئوليته؟ أنا لم أتحدث عن التملص من المسئولية. أنا تحدثت أن مبدأ تقرير المصير ليس مبدأ جديدا بدأ مع المؤتمر الوطني، إنما مطلب قديم.. في عهد الصادق المهدي وحكومة أكتوبر وحكومة سر الختم الخليقة، هناك من قاطع مؤتمر المائدة المستديرة.. حركات الانفصال بدأت مبكرا، والوطني هو الوحيد الذي كان شجاعا واعترف بحق تقرير المصير ووقع اتفاقا مع الحركة الشعبية برؤية أن الرفض يكرس للاستمساك وأن إعطاء الحق مع انفتاح الخيارات يجعل من أمر الوحدة ممكنا. والحركة الشعبية ذاتها كانت شعاراتها وحدوية.. الانفصال تعتريه عاطفة وليس منطق، الواقع الذي ذكرتيه لم يكن واقع الجنوب فقط إنما واقع جميع أنحاء السودان، الحكومة اجتهدت بأن تجعل الوحدة جاذبة، والحكومة التزمت التزاما كاملا باتفاقية السلام .. لكن رغم ذلك أراد شعب الجنوب العيش منفصلا فهل نقول لهم لا؟ في تقديري نحن التزمنا وأعطينا الجنوب نصيبه كاملا رغم التشكيكات. الوظائف القومية كانت تدفع من الخزينة العامة للدولة. العلاقات الخارجية، الدفاع، التعليم العالي، وأشياء أخرى. الآن نحن نريد الاستثمار في الجنوب و.. *(مقاطعة) هل تغيرون من كينيا وأوغندا بخصوص العلاقة الاقتصادية والتجارية التي باتت تربطهم بصورة قوية مع الجنوب؟ أبدا على الإطلاق.. كما لدينا تعامل مع مصر والصين والسعودية وألمانيا ونريد التعاون مع أمريكا، فما الذي يمنع الجنوب أن يكون لديه نفس الحق. *لأن السودان لازال لديه إحساس أنه الأولى فيما يتعلق بالتجارة والاقتصاد بدولة الجنوب؟ إن فتحنا الحدود نحن المنافس الرابح، لأن المزاج لازال مزاج سوداني في الأطعمة والذوق وأشياء كثيرة. *هل انتهى دعم دولة الجنوب للجبهة الثورية؟ وهل ترصدون أي حالات تعاون؟ إن قلت لك إنه لا يوجد تعاطف أكون كذبت.. هناك تعاطف مختزل، كان هذا التعاطف مقرونا بأشياء عملية وإجراءات دعم وإيواء.. صحيح كان هناك محاولة للتستر عليها.. لكن لا شيء يمكن إخفاؤه سواء علينا أو على المخابرات الإقليمية والدولية، مجرد وصولنا لهذه الاتفاقيات بدأت هذه الأشياء تقل بطريقة معقولة ونرى أنها تذهب في الاتجاه الصحيح إلى أن تنقطع تماما.*هل الآن الصورة ترضيكم؟ إن لم تنته تماما لن يكون هناك رضا بنسبة 100%، لكن إن كانت الأمور تسير في الاتجاه الصحيح، فندفعها ولن نتوقف لكي نتحقق أنها توقفت تماما. لابد أن ندفعها بمعينات أخرى؛ البترول، التجارة والتواصل الثقافي والإعلامي، لأن هذه الأشياء تجعل الحدود حدود خير وتعاون، والاستراتيجية لا تتحقق بين يوم وليلة. *عناصر الجبهة الثورية الذين كنتم تتهمون جوبا بإيوائهم، هل اتجهوا إلى الدول الأفريقية المجاورة؟ طبعا الآن معظمهم في كمبالا وهذا ليس بسر. حتى اللقاءات التي تجرى تتم هنا.*وأنت تقيم في جوبا منذ فترة، ما هي أكثر ملاحظة شدت انتباهك؟ سؤال صعب.. بكل صراحة رغم معرفتي بالملف ووجودي فيه لفترة طويلة، إلا أني اكتشفت أن ما بين السودان وجنوب السودان أكثر مما يتوقع أي إنسان، وأحس بصدق أن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا خاصة أن الانفصال لم يؤثر على الوجدان المشترك، والفرصة لازالت موجودة لإحداث نوع من العلاقة.. أنا من دعاة الوحدة وأعلم أنه من الصعوبة أن تعود دولة استقلت إلى حضن الدولة الأم بالكامل، لكن لابد من تطوير علاقة على أساس سياسي، وليس على الأطر الأخرى الموجودة، أعتقد أن هناك إمكانية أن يحدث نوع من التطور في العلاقة السياسية رغم وجود أصوات قوية معارضة لهذا النوع من التواصل. *وهل قل عداء الجنوب تجاه الشمال؟ في الدراسات الدولية لحالات مشابهة لانفصال الجنوب يشار إلى أن التباعد بين الدولتين لا يقل عن خمس سنوات، لكن نحن اختزلنا الخمس سنوات في سنتين، فبعد أن بلغت الشحناء قمتها، بدأ العد التنازلي لبداية الصفاء في العلاقة والنظر إليها على أسس جديدة، مازال كثير من مواطني الجنوب ينظرون إلى أن السودانيين سواء، ولازالت مشاعرهم متمسكة بالشمال.. على سبيل المثال في صحف اليوم، تشكل أخبار السودان 50% من المواد الإخبارية والتحليلية، السودان لازال يشكل محور اهتمام سياسي.*أوضاع السودانيين؟ أوضاعهم جيدة.. كانت هناك حوادث منفردة وجميعها مرصودة لدينا، ونحن نتواصل مع الجهات المختصة لإنهاء الحالات.. هناك جرائم شخصية، لكن فيما يلي علاقات الدول، أي التي أثرت فيها الاحتكاكات، نعمل على معالجتها، أما الحالات الفردية فحرصنا يتمثل في أن يعامل الإنسان معاملة كريمة ويجد حقه في التقاضي والدفاع.، لكن المرتبطة بسياسة البلاد جميعها في طريقها للحل. *هل تعيش أسرتك معك؟ زوجتي مستشارة قانونية. لي أربعة أبناء وبنت، (ابن وابنة في الجامعة) والبقية تخرجوا. وهم يأتونني جميعا في الإجازات، ورتبوا لي البيت مشكورين، الحمد لله فقد أعطتني الوزارة براح في التواصل مع أسرتي.. وفي الحقيقة المشكلة ليست مشكلتي، إنما مشكلة جميع الأخوة في السفارة، فجوبا غالية ومرتب الإنسان وبدل السكن لا يكفي لتأجير منزل. *الاستقرار في جوبا دائما ما يكون صعباً بالنسبة للسودانيين للأوضاع الاقتصادية رغم قرب الدولتين؟ في صعوبة اقتصادية لكن الأوضاع متشابهة. *هل معتمد على نفسك طالما أن الأسر لا تعيش معك؟ بحكم إني سفير فهناك من يجهز لي الأكل وغسيل الملابس. هل تخرج وتتفسح في جوبا؟ نعم أخرج .. وفي جوبا أتصرف كأني في الخرطوم مع احترام القانون واعتبار الوضعية كدبلوماسي، هناك حدود لابد من احترامها .. العديد في جوبا هنا يعرفوني. *من هم أصدقائك من جنوب السودان ؟ لا أنتقي شخصيات معينة.. لكن ليس لي عدو وواجبي أن أفتح الخطوط مع الجميع.. الدبلوماسية تأخذ الكثير من وقتنا، فالإنسان المطلوب منه متابعة الكثير من الأشياء وتثقيف نفسه بها، لأننا ندخل في محطات تتطلب أن يكون الإنسان محيطاً بالأساسيات. *تقيم دعوات في منزلك أو السفارة وتلبي دعوات أخرى.. هل علاقاتك مع الحزب الحاكم والمعارضة منفتحة على حد سواء؟ معارضة الحكومة قليلة. *ماذا عن الآخرين.. باقان، مشار وغيرهم؟ هؤلاء ليسوا جزءا من المعارضة، إنما لازالوا في حزب واحد وتشكيلة الدولة إلى أن تحدث متغيرات جديدة، ولن نصنفهم كمعارضة.. وأي معارضة عنيفة لا علاقة لنا بها.. معارضة مشاركة في البرلمان لا مشكلة لدينا في مقابلتهم.صحيفة السوداني[/JUSTIFY]