مناوي ومسلسل الخسائر المتصاعدة !
الفصيل المنشق والذي يقوده القائد الميداني (حسين عيسى) كان واضحاً أنه يضم خيرة القادة الميدانيين الذين يعتمد عليهم مناوي، كما أن العائدين قالوا -جازمين- إن الحرب التى يخوضونها لا جدوى منها، وأن المتضرر منها هم شعب دارفور.
وكان من الممكن أن يمر أي مراقب على هذا القول مرور الكرام باعتبار أن أي مجموعة عائدة من حركة مسلحة تقول الشيء نفسه حيث تعلن كفرها بالحرب وإيمانها بالسلام، ولكن الأمر هنا اختلف تماماً، فمن جهة أولى فإننا هنا أمام قادة عسكريين ميدانيين, وبطبيعة الحال فإن القادة العسكريين لا يقررون التخلي عن السلاح بسهولة ولمجرد قناعتهم بالسلام.
من المؤكد أن هنالك (موقف عسكري) فى الميدان دفعهم دفعاً لهذا الخيار، ومن المعروف بهذه المثابة أن حركة مناوي تائهة بكل ما تعنيه الكلمة من معاني، فهي لا تمت بوجود حقيقي ملموس على الأرض، وكل وجودها فى السنوات الأخيرة هو وجود رديف لما يسمى بالثورية.
وكان واضحاً من سياق الجولة الأوربية التى قام بها قادة الثورية مؤخراً أنهم متعطشين الى الدعم المالي وأن الهجمات التى ظلوا يشنونها على مواطني دارفور بغرض الحصول على تشوين ومؤن، هي نفسها لم تعد ممكنة، وبعض الجند باتوا غير مقتنعين بهذا المسلك الذي يعتبرونه (عملاً اجرامياً) لا يمت الى الرجولة بصلة والشهامة الدارفورية بصفة خاصة والشهامة السودانية بصفة عامة.
مناوي إذن لم يعد يملك العتاد الكافي للعمل الميداني المنفرد، ومن المؤكد أن تقديرات قادته الميدانيين كانت تصب في مصب وقف العمليات العسكرية، وربما لم يرق له ذلك، فاضطر العائدين للتخلي عن الحركة وخرجوا منها.
ومن جهة ثانية فإن مناوي نفسه ومن خلال تحركاته هو وبقية قادة الفصائل الدارفورية المسلحة سواء فى أروشا بتنزانيا قبل أشهر أو فى أم جرس بتشاد قبل أسابيع أو في أديس أبابا قبل أيام كان ولا يزال يبحث معه رفاقه خاصة جبريل إبراهيم عن حل تفاوضي يحفظ لهم ماء وجههم، فالميدان لم يعد مجدياً والثورية تتآكل ولا شيء يلوح فى الأفق!
ومن جهة ثالثة فإن مناوي وحتى على فرض بقاء الثورية فإن فصيله داخل الثورية غير ذي وزن وهذه من الأمور التى يعرفها القاصي والداني، خاصة وأن الرجل جُوبِه مؤخراً فى ندوة جرت فى العاصمة الفرنسية باريس بأسئلة صعبة حول دخوله العملية السلمية فى أبوجا عام 2006 ثم خروجه منها.
لم يستطع مناوي إقناع سائليه لا عن مبررات دخوله ولا عن أسباب خروجه ومن ثم بدا واضحاً للكثيرين أن الرجل لا قضية له حقيقة. وهكذا تضافرت العوامل الماثلة مع سوء حظ الرجل الفاقد لأي رؤية سياسية ذكية فى تآكل فصيله وعودة خيرة قادته الميدانيين تاركينه فى غربته السياسية الموحشة!
سودان سفاري
ع.ش