سياسية

استدعاء مسؤولين في منظمة مجذوب الخليفة بخصوص تسييل وديعة مالية

استدعت نيابة المال العام أمس (الأربعاء) رئيس مجلس إدارة منظمة مجذوب الخليفة الخيرية، على خلفية بلاغ مفتوح بخصوص تسييل وديعة مالية بقيمة مليون وخمسمائة ألف جنيه، تخص المنظمة، ببنك المال للاستثمار، بجانب مديونيات لتجار في السوق بلغت أكثر من ثلاثة ملايين جنيه (بالجديد)، وسبق أن اعتقلت النيابة المدير العام للمنظمة، والمدير المالي عبد الرحيم أبو القاسم، إلا أنها أطلقت سراح الأول بالضمان بينما أبقت على عبد الرحيم في الحبس، وقال عبد الرحيم لـ(اليوم التالي): “تم تسييل الوديعة بأمر من المدير التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة، “، مشيرا إلى أنه منح خطاب تفويض يحمل توقيعيهما للبنك يطلب فيه تسييل الوديعة، وأنه لم يتسلم المال نقدا إنما تم تحويله وصرفه من بنك التضامن الإسلامي، وأكد أن مجلس إدارة المنظمة لا يعلم بمصير الوديعة حتى وقت قريب، ومن جانبهما أكد كل من المدير التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة عدم علمهما بخطاب التسييل مشددين على أن شخصاً ما قام بتزوير توقيعيهما، بينما كشفت (اليوم التالي) عن تدوين عدد من الدائنين بلاغات في حق المنظمة، وقال عبد الرحيم إن المنظمة منذ فترة ظلت تدير أمورها بالاستدانة من السوق، ومن تجار عبر شراء سيارات أو بضاعة وبيعها في السوق، وقال أحد الدائنين (ع.و) إنه دون بلاغا في حق المنظمة وحصل على أمر قبض من النيابة لمدير المنظمة ورئيس مجلس إدارتها، مشيرا إلى أن المسؤولين عن المنظمة تم إطلاق سراحهم رغم ارتداد شيكات – حصلت الصحيفة على صورة منها- وقال (ع.و) إن مديونيته تفوق (450) ألف جنيه. وفي السياق طالب المدير المالي للمنظمة بضرورة تقديمه للمحاكمة لجهة أنه بقي في الحراسة لأكثر من شهرين، دون أن تكتمل التحقيقات.

اليوم التالي

‫3 تعليقات

  1. الكيران عفنيين لانو مجزوب الخليفه مات قبلوا علي منظمتو لو كان حي ما كان يقدروا يعتقلوهم لكن الكيزان ابداً ماعندهم عشره
    قبل كدا برضو اعتقلوا زوجة سفير السودان في القاهره لانو مات بس لا اذكر اسم السفير
    ناس عفنيين جدا

  2. والسودان فقد عمده وعمود وأساس . رحمه الله وأسكنه فسيح جناته

  3. مجذوب الخليفة…مقاتل لا ينثني…وقائد لا يقنع بالهزيمة

    د.غازي صلاح الدين

    لم أخبر من قبل، ونحن في حرارة مصيبة الموت، مشهد الأرض من السماء. لكنني اليوم خبرته من على طوّافة طافت بنا وكأننا خلق زائر من السماء يطل على خلق من الأرض. أتاح لنا وضعنا الفوقي جفوة مؤقتة من مشاعر الأحزان الساخنة، ووفّر لنا ظهر المروحية الطوّافة بانوراما تليق بهول الحدث. عبرنا فوق شندي وعلى يميننا مراقد ملوك مروي في أهرامات البجراوية أو “الطرابيل”. وحذاؤها على النيل المدينة الملكية لحكام مروي، وبين الاثنين أطلال معبد الشمس من أبنية العنج كما يسميهم الناس. كان المصريون القدماء يدفنون عظماءهم غرب النيل، ففي التغريب كناية عن الموت والنهاية؛ لكن أهل مروي دفنوا عظماءهم شرق النيل، فهل ترى كانوا يكنّون بالتشريق عن ميلاد حياة أخرى؟
    حلّقنا فوق شندي فازدحمت في خيالي صور صاخبة عن المحرقة الكبيرة التي أعدها المك لأعدائه ثم الانتقام الكبير الذي تلاها على أيدي الغزاة. أصوات سكارى شاطوا في النيران، ونداءات استغاثة يائسة، وصيحات ثأر متشفية، كلها ضجّت حولي من ماض سحيق. عبرنا النيل والهدام يعمل في بعض أنحائه وشريط الخضرة الضيق يضفي على غبرة الصحراء بعض حياة، كمسحة جمال قديم تروح وتغدو فوق وجه أرهقه الدهر. نظرت صوب المتمة جنوباً وتذكرت العقاب الكبير الثاني الذي أصاب أهل تلك الناحية بعد أكثر من سبعين عاماً– هذه المرة على يد إخوانهم في العقيدة والوطن. يا لهؤلاء القوم ومصائبهم! لقد أنفقوا دهرهم في محاساة المنايا. تذكرت أبيات دريد ابن الصمّة في نكبات قومه، وفيها سمو من محض التسليم بالقدر إلى اشتراع مذهب في مؤاخاة البلوى :
    أبى القتل إلا آل صمة إنهم أبوا غيره والقدر يجري على القدر
    فإما ترينا ما تزال دماؤنا لدى واتر يشقى بها آخر الدهر
    فإنا للحم السيف غير نكيرة ونلحمه طورا وليس بذي نكر
    يغار علينا واترين فيشتفي بنا إن أصبنا أو نغير على وتر
    بذاك قسمنا الدهر شطرين بيننا فما ينقضي إلا ونحن على شطر
    صوبنا النظر شمالاً فرأينا طيبة الخوّاض ومن بعدها الجبلاب. الخوّاض فيما أظن اسم من خصوصيات السودان فإني لم أصادفه في البلاد العربية. وكمثله من الأسماء الفريدة في هذا البلد يشير إلى بعض المكارم أو الشكر على منّة الله تعالى، كقولهم دفع الله ووقيع الله؛ لعل الخوّاض قصد به الخوّاض في الكرم أو العلم أو القتال أو معاركة الدهر فحسب، فهاهنا قوم يتنفسون بالعراك.
    سطح الأرض ينتقل فجأة من خضرة النيل إلى الصحراء بكثبانها وتلالها وأرضها المغبرة، وتحتنا تجري عربات أهل الريف من كل ضرب وسبيكة. تخيلتها سيارات تحمل وجوها كوجوه البشر يسارعون إلى اجتماع لأمر ذي بال: أجيال عفا عليها الزمن وأجيال عليها بعض نضرة الشباب. كل ما أفناه الموت من أشكال الحديد في المدينة بُعث بعث الآخرة في تلك المنطقة؛ أو لكأنهم أموات تعرفهم غيبهم الموت في زمان غابر ثم نشروا للحظة قصيرة في حفل خاص: فولجا، فورد، ميركوري، برنسه، هايلكس، وهلم جرّا. رأيناهم من عل يتقاطرون نحو طيبة الخواض كل واحدة بحسب شبابها وعافيتها، واحدة تنطلق وتتقافز كالشباب وواحدة تظلع ظلوع الشيوخ الذين تيبست مفاصلهم. السير اليوم كله في اتجاه واحد؛ كل الناس اليوم ورود إلى طيبة الخواض ولا أحد صادر عنها. ترى كم سار أقوام فوق هذه الأرض؟ ترى هل وطئتها أقدام الملكة أماني شخيتو ذات الصورة المهيبة على ضريحها في الطرابيل؟ وهل التقاها فوق هذه الديار رسل الرومان؟ وكيف تلقت هذه الأرض محمود ود أحمد بعد قرابة ألفي عام؟ ماذا تختزن هذه الأرض من ذكريات وماذا ستختزن لألف عام أخرى وكيف ستراها وترانا أجيال وحقب قادمة؟
    أهروباً من المصيبة إلى التاريخ وعبره؟
    قبل أن تهبط الطوافة بلحظات مر أمام ناظري شريط من صور سريعة عن فقيد اليوم الذي عرفته مدخلنا إلى كلية الطب في عام 71 . كان بارزا متميزا لا تقتحمه العين أو يتجاوزه النظر، فقد وهب صفات القيادة وهيبتها بالفطرة. وفيما بعد تأكدت لي هذه الصفة فيه فوق كل صفاته الأخرى. كان إذا حضر مجلساً تسنمه، وإذا غادر المجلس بقيت صورته وروحه حاضرتان وشاخصتان من بعده.
    كان حمّالا للأعباء، لا يتقاعس عن التكاليف. قال لي بعضهم قبل سنوات، كأنه تعجب من طاقاته الجبارة: “مجذوب ما بيابى الشغل، كل ما تزيد ليه في المسئوليات يشيل”. أجبته: “هو كذلك منذ أن عرفته، وتلك صفات القائد”. ما منا أحد إلا وهو يتهرب أحياناً من تزايد الأعباء ويعتذر بشتى الأعذار، إلا مجذوب.