أهالي المحتجزين في السودان يرفضون «الفدية السياسية»
بدت «رحاب» زوجة الراوئي السوداني عبد الغني كرم الله متماسكة نسبياً، على الرغم من طول فترة غياب زوجها، المعتقل مع آخرين، منذ منتصف شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، لاشتراكه في احتجاجات سلمية، ضد الارتفاع غير المسبوق في أسعار السلع الاستهلاكية الرئيسية وعلى رأسها «الخبز».
ويحتجز الأمن السوداني عشرات القادة السياسيين والنشطاء والمواطنين، على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات التي نظمتها المعارضة، وتواصلت منذ منتصف الشهر الماضي، دون أن يطلق سراح بعضهم أو أن يُقدَّموا لمحاكمات عادلة. و«رحاب» ووصيفاتها من أمهات وزوجات وآباء وإخوة وأخوات الذين يمثلون 90 أسرة معتقل لدى الأمن السوداني، قالوا للصحافيين أمس، إنهم قدموا العديد من المذكرات لجهاز الأمن، ومفوضية حقوق الإنسان والبرلمان، وتقدم عدد من المحامين نيابةً عنهم بمذكرة للنائب العام، وطعنوا في دستورية الاعتقال لدى المحكمة الدستورية.
وأطلق الأمن السوداني، الأسبوع الماضي، سراح عشرات المحتجزين، وقال مساعد الرئيس عبد الرحمن الصادق للصحافيين، قبيل الإفراج، إن الرئيس البشير أمر بإطلاق سراح «جميع» المعتقلين السياسيين، وأن عملية إطلاق السراح ستبدأ بالنساء وكبار السن، وتتواصل تباعاً لحين الإفراج عن الجميع.
لكن مدير جهاز الأمن السوداني صلاح عبد الله «قوش»، لم يلبث أن ذكر في تصريحات لاحقة نقلتها صحيفة سودانية الأسبوع الماضي، أن إطلاق سراح بقية المعتقلين «رهين بتحسن سلوك أحزابهم»، وهو ما اعتبرته المعارضة استخدام المعتقلين «رهائن»، وربط إطلاق سراحهم بالتخلي عن الاحتجاجات والمظاهرات.
ونددت المتحدثة باسم أسر المعتقلين البالغ عددها 90 أسرة، المحامية آمال الزين، في مؤتمر صحافي عقدته في الخرطوم أمس، بتصريحات مدير جهاز الأمن، وقالت إن أسر المعتقلين تنظر إلى الجميع على أنهم متساوون في وطنيتهم المكفولة وفقاً للدستور ومواثيق حقوق الإنسان، ولا تفرق بين حزبيين أو غير حزبيين. وأضافت: «هكذا تصريح من مدير عام الأجهزة الأمنية، في غاية الخطورة، حيث لم يعد أبناؤنا سجناء بموجب قانون أو تهمة أو ذنب اقترفوه، بل أصبحوا مختطفين كرهائن بسقف زمني غير مسمى، ينتظر النظام تسلم فديتهم، ألا وهي تنازل أحزابهم عن مواقفها السياسية».
وطالبت أسر المعتقلين وذووهم، بتدخل رئيس الجمهورية باعتباره المسؤول الأول دستورياً عن أداء جهاز الأمن، وعن حماية الدستور وحقوق المواطنين المكفولة بموجبه، وحفظ كرامتهم، وفقاً للدستور واليمين التي أداها. ولا توجد إحصائيات رسمية بأعداد المعتقلين المفرج عنهم، ففيما تقدِّرهم تقارير بالمئات، تقلل سلطات الأمن من أعدادهم، وتُرجع لجنة أسر المعتقلين عدم وجود الإحصائيات إلى إخفاء الأمن للمعلومات المتعلقة بأماكن وأعداد المعتقلين، وذكرت أن هناك معتقلين لا تعرف أسرهم أنهم اعتُقلوا، وأُسراً لا تعرف أين يُحتجز أبناؤها. وأعلنت «رحاب» ووصيفاتها بوضوح رفضهن لما سمّينه «وضعية الرهائن» لأبنائهن وأزواجهن من المعتقلين، وتعهدن بـ«النضال» من أجل إطلاق سراحهم بكل الطرق المشروعة والدستورية.
بدوره، قال المعتقل المفرج عنه عروة الصادق، للصحافيين، إنه اعتُقل ورفاقه من الذين لم يُفرج عنهم بعد، دون أن يرتكبوا جريمة يعاقب عليها القانون، بل مارسوا حقاً يكفله الدستور والقوانين، وأضاف: «تعرضنا في المقابل لتعذيب معنوي ومادي وإهانات، وعشنا ظروفاً حاطة للكرامة الإنسانية»، وتابع: «لم تكتفِ أجهزة الأمن بإذلال المعتقلين، بل امتدت عمليات الإذلال إلى أسرهم، والطلب منها كتابة استرحام، دون إبلاغها عن مكان احتجاز ذويها».
وتعهد الصادق بعدم تحول أسر المعتقلين إلى «وسيلة ضغط عليهم وعلى أحزابهم» ودفعهم إلى اتخاذ مواقف مهادنة للنظام، وتابع: «لن نوقف نشاطنا القانوني المدني، ولن نكفّ عن التعاون مع أي جهة تسهم في الضغط لإطلاق سراحهم، وإقامة نظام بديل يحترم الحريات والحقوق».
وفي هذه الأثناء طفرت دمعة من عينَي «رحاب»، وهي تستمع إلى المتحدثة باسم المعتقلات المفرج عنهن، ناهد جبر الله، التي قالت إن «المعتقلات قبل إطلاق سراحهن عشن ظروفاً حاطّة للكرامة الإنسانية، وتعرضن لشتى صنوف الأفعال الموجَّهة ضد أنوثتهن». وأوضحت أنهن «عانين من البيئة غير الصحية التي احتُجزن فيها، ومن انعدام الرعاية الطبية أو سوئها». وأشارت إلى أن «سيدة كادت تلقى حتفها جراء دواء خاطئ كُتب لها في السجن، بينما رفضت أخرى التداوي من القلب في مستشفيات الأمن مفضلة احتمال الألم على العلاج، وظلت ثالثة تعاني من آثار ضغط الحليب في ثدييها، لأنها احتُجزت وطفلها الرضيع خارج السجن».
طفرت الدمعة من عينَي «رحاب»، على الرغم من أنها كانت سعيدة لأن سلطات الأمن سمحت لها «أخيراً» بالحديث إلى زوجها من معتقله في مدينة الفاشر غربي البلاد، لكن «آمنة ومحمود» لم يسمعا صوت والديهما الذي افتقداه بشدة لأكثر من شهر.
حُرمت «رحاب» وابناها «آمنة ومحمود» من الأب لأكثر من شهر، ولم تسمح لهم السلطات بزيارته أو معرفة مكانه، لكنها سمحت لها، بعد ملاحقات عديدة، بالحديث إليه هاتفياً. تقول: «الحمد لله سمعنا صوته، وأبلغتُه أن الأهل والأصدقاء لم يتركونا وحدنا للحزن وفقدان الأب»، لكنها لا تزال تطالب بشدة بإطلاق سراح زوجها الروائي الشهير عبد الغني كرم الله، وسراح أبناء عشرات الأسر الذين يقبعون في السجن.
المصدر : صحيفة الشرق الاوسط.
وعلاقة الهنود شنو بالسودان عشان تكون الصورة هندية والموضوع سوداني ..
لا ادري كيف يتعامل المحررون مع الاخبار ..