وفاة المفكر السوداني منصور خالد
نعى القيادي بالحرية والتغيير خالد سلك منصور خالد وكتب فجر الخميس (بموت منصور خالد تطوي البلاد صفحة ثقل ميزانها .. ربما كان من حسن حظي -أو من سوءه- أن عكفت في الأيام الماضية على الانغماس في قراءة مذكراته التي عنونها ب “شذرات من وهوامش على سيرة ذاتية” .. مبحث طويل لخص فيه حياته وأفكاره في أربعة أجزاء .. التقيته مرة واحدة بين ضفاف مكتبته التي تنبيء بما فقدنا من مثقف ومفكر، على الرغم من ذلك فيمكنني أن أقول بثقة .. استقيت تاريخ بلادنا من منصور .. جودت لغتي من كتبه .. ابتسمت وأصابتني الغمة من سرده لحكاوي سودان أحبه درجة أن لا يكتم قول الحق في كل ما اشتجر من أمره).
وختم خالد عمر سلك منشوره بحسب ما نقلت عنه كوش نيوز (في الخالدين د. منصور .. وددنا لو أبطأت الخطى لتعين بلادك على عقبات الانتقال .. أبقيت بيننا ميراثاً يصعب تكراره .. بلادك تستحق أن تكون كما سعيت لها، تحتفي بتعددها، وتتجاوز متلازمة إدمان الفشل وحساسية النجاح إلى رحاب الفجر الذي لا يكذب. إنا لله وإنا إليه راجعون).
الخرطوم (كوش نيوز)
من موسوعة ويكيبيديا
منصور خالد محمد عبد الماجد دبلوماسي وكاتب وسياسي ومفكر سوداني.كما يعد من أكثر الشخصيات السودانية إثارة للجدل نسبة لآراءه المختلفة ولخطورة المناصب المحلية والعالمية التي تقلدها.
حياته ونشأته
ولد الدكتور منصور خالد بامدرمان العاصمة الوطنية للسودان في يناير من العام 1931 م في حي (الهجرة). وينحدر منصور من أسرة أمدرمانية عريقة فجده الشيخ (محمد عبد الماجد) المتصوف المالكي ، وجده هذا الأخ الشقيق لجد منصور لأمه الشيخ (الصاوي عبد الماجد) الذي كان أيضاً قاضيا شرعيا وعمل في تدريس الفقه إلا أن أسرته قد غلب عليها طابع التصوف وهو ما وثقّه منصور بنفسه في سيرته الماجدية-أنظر المؤلفات أدناه.توفي في 21 يونيو 2018 ودفن في مقابر أحمد شرفي بأمدرمان
مراحله التعليمية
تلقى جميع مراحل تعليمه حتى المرحلة الجامعية بالسودان. درس الأولية بأمدرمان، ثم مدرسة أمدرمان الأميرية الوسطى، ثم مدرسة وادي سيدنا الثانوية العليا، ثم كلية الحقوق جامعة الخرطوم والتي زامله فيها الدكتور حسن الترابي ورئيس القضاء الأسبق خلف الله الرشيد ووزير العدل الأسبق عبد العزيز شدو. حصل على الماجستير في القانون من جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية.والدكتوراه من جامعة باريس.
حياته العملية
لفترة قصيرة -بعد إكمال دراسته- عمل منصور بالمحاماة، ثم عمل بعد ذلك سكرتيراً لرئيس وزراء السودان عبد الله بك خليل(1956-1958)وأنتقل بعدها للعمل بـالأمم المتحدة في نيويورك ثم منظمة اليونسكو بباريس. عمل استاذا للقانون الدولي بجامعة كلورادو بالولايات المتحدة.
العمل السياسي
نشر مقالات في (يناير1969) بصحيفة الأيام، تنبأ فيها بزوال الحكم الديموقراطي- نسبة للمشاحنات الحزبية، والعداء الطائفي وعدم احترام الأحزاب لمبدأ الديموقراطية واستقلالية القضاء وتمثل ذلك في طرد الحزب الشيوعي من البرلمان، وتعديل الدستور لعمل ذلك، وتحقير القضاء الذي حكم بعدم دستورية تلك الأفعال، واستقالة رئيس القضاء (بابكر عوض الله)- وبعد شهور من تلك المقالات وفي 25 مايو أطاح جعفر نميري بالحكم الديموقراطي وأتى بنظام (ثورة مايو).
بعد قيام ثورة مايو 1969م بقيادة جعفر نميري اشتغل كوزير وزيرا للشباب والرياضة والشئون الاجتماعية. شهدت قطاعات الشباب إبان وزارته نهضة كبرى تمثلت في تفعيل الشباب في الخدمة الطوعية(صيانة الطرق، بناء المشافي والمدارس الخ)، وفي إنشاء مراكز الشباب، ومراكز التأهيل، ومحو الأمية. كما أنه قد أسهم في خلق علاقات قيمة ومفيدة مع (هيئة اليونسكو، ومنظمة العمل الدولية، وحكومات مصر والجزائر وكوريا الشمالية). كما أن وزارته قد أقامت عددا من المهرجانات الشبابية وانشأت قصور الثقافة.
في أغسطس 1970 استقال من الوزارة رغم اعتراضات الرئيس وكثير من مجلس الثورة، ولكنه أصر عليها لأنه رأى أن الصراعات الأيدلوجية أنهكت النظام الذي كان يعيش في تلك الفترة بالموازنات الأيدلوجية اليسارية. ورغم الفترة القصيرة التي قضاها في الوزارة إلا أنها شهدت إنجازات ضخمة.
بعد استقالته من الوزارة عمل ممثلاً لمدير عام هيئة اليونسكو “رينيه ماهيو” ضمن برامج التعليم لهيئة غوث اللاجئين الفلسطينيين. وعاد بعد ذلك ليعمل سفيرا للسودان بالأمم المتحدة. تقلد عدة مناصب في السودان من وزارة الخارجية ووزارة التربية وكمساعد لرئيس الجمهورية. في العام 1978 استقال من المكتب السياسي وخرج من (نظام مايو) لأنه رأى أن الرئيس (نميري) تغول على المؤسسية في الدولة. عمل كزميل في معهد ودرو ويلسون بمؤسسة اسمثونيان بواشنطن عقب تركه السودان في عام 1978 م. شغل موقع نائب رئيس للجنة الدولية للبيئة والتنمية التي انشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1982م، ومقرها جنيف. ألف عددا من الكتب حول السياسة السودانية باللغتين العربية والإنجليزية كما نشر العديد من المقالات في الحوليات الدولية عن قضايا التنمية والسياسة في العالم الثالث. كما أنه مهندس جميع اتفاقيات السلام في السودان.
قالوا عن منصور
جمال محمد أحمد
نبدأ بالأديب والسفير السوداني الراحل جمال محمد احمد (1915-1986) من الواضح أن جمالا يكبر منصور بزهاء 15 عاما أو أزيد، ولقد وردت إشارة في مقالات منصور بأنه تتلمذ على يديه، ولكنه ومع ذلك قد كان صديقاً لمنصور، قدم جمال لمجموعة مقالات منصور (حوار مع الصفوة) قال فيها عن منصور: ((.. فكتب هذه البحوث التي ستقرأ بعد حين، وترامت الأقاويل، تجرمه كما تجرم كل ذي نظر، يبين: شيوعي، ناصري، فوضوي، أناني، وأنا الذي صحبته سنين أعرف أنه قومي سوداني في البدء، وأكبر من كل بطاقة يسير بها الناس، يتصيدون المكان الأرفع لذاته، لا لما يتيح لواحد أن يعمل، وعذاب المكان الأرفع لا يعرفه غير من افتقده. أثلجت غضباته صدور أكثر الشباب، لأنه واحد منهم، يتميز عنهم ببيان يقنع، يعبر عن ذاتهم كما يعبر عن ذاته، فهي تحس ما يحس، ولا تملك ما يملك هو، من معرفة بتجارب عالمنا العربي والأفريقي، يتصدى لدقائق الحكم والإدارة والتعليم والثقافة. يستلهم تجاربه الثرة. يخيف الواحد بنشاطه الجسدي والذهني، تأتيك رسائله من أطراف الأرض يبث فيها مشاعره وأفكاره، ويحدثك عن الذي قرأ من سياسة وأدب لا تدري، متى وجد الفراغ، وعن الذين لقى من أئمة الفكر والسياسة، لا يمس واحد منهم استقلاله الفكري…. ما أدري إن وقف عند كلمة معلمنا لطفي السيد أم لم يقف، لكنها تصفه وتصف كل الذين يعيشون الطلاقة الجامحة: “إن أراد قارئ أن يفهم حديثي هذا دفاعا عن فكر بعينه، فليعد قراءة الحديث مثنى وثلاث ورباع… وإن أراد أن يفهمه دفاعا عن دولة، فليعد قراءته مثنى وثلاث ورباع فالذي أدافع عنه هو أمر أخطر من هذا بكثير…الذي أدافع عنه هو حقنا في أن نفكر بحرية طليقة… وهو واجبنا في أن نتصرف بإرادة”.))
إلى أن يقول: ((شيء واحد في هذا الصدد أحب أن أقوله، لأني أراه عن قرب. إن صاحب النظرات يعطي حياته كاملة لنظراته، الأمر الذي يدلك على أنه لم يكن ناقداً لأوضاع فحسب، كما يفعل كثيرون من المستنيرين في العالم. حذا –إن كان يدرك أو لا يدرك- حذو هايك استاذ الاقتصاد يوما ما في كمبردج الذي كتب “طريق الحرية” وهو يعلم في كامبردج و سنو عالم الطبيعةالذي كان من صفوة شرشل على أيام الحرب الكونية الثانية واذاع في الناس فكرة الثقافتين العلمية والأدبية………كانوا جميعا نقدة أوضاع، وحين أتاحت لهم العمل العقول الذكية التي تضع المواهب مكانها، كانوا عند كلمتهم. عملوا للتغيير، وأصابوا حظاً من النجاح، وردت لهم حكوماتهم عرقهم وكدحهم تشريفاً، أغدقوا عليهم أعلى مراتب الكبراء، مثل لورد سنو..وعادوا منازلهم يكتبون على كبر، أكبر الظن ينقدون، فأهل الفكر، يطمحون ليكتمل الإنسان… لا يزعمن قارئ إني اسرف، حين أسوق هذه الأسماء، انا أسوقها لأحث الذين يرقبون حياتنا العامة، أن يقوموها وأن يتحدثوا فيها حديث منصور، حين كان بعيداً يرقب، لأني لا أعرف حياة عامة استقامت دون أشباه منصور، وهم عندنا كثيرون، أريد لهم وقد شغل منصور عن النظر وأنصرف للتطبيق، أن يتخذوا مكانهم الجدير بهم، يدعون للإصلاح، للتغيير، للإحساس بما يقع حولهم هنا، وفي العالم العريض))أ هـ.
الدكتور عبد الله علي إبراهيم وإتهامات العمالة
في حين أن جمالا يرفع منصورا لمكان علي فإن بعضهم قد حط من قدره لدرجة وصمه بالعمالة الأجنبية!! وتبدو للكثيرين أن هذه التهمة مبالغ فيها ولا تمت للواقع بصلة، خصوصا إذا اعتبرنا أن من روج لها بعض الأحزاب العقائدية مثل (الحزب الشيوعي السوداني) في فترة صراعه مع نظام مايو بعد العام 1971 م، ففي العام 1972 أصدر الحزب الشيوعي السوداني بيانا ينتقد فيه اتفاقية أديس ابابا، التي وقعت بين نظام مايو والثوار في جنوب السودان وأنهت الحرب الأهلية بالسودان، ومما جاء في ذلك البيان وصم لمنصور بالعمالة للمخابرات الأمريكية
هذه الإتهامات لم يستطع إنسان أن يقم عليها أي دليل واضح وبين غير أن منصورا قد كان ذو طبيعة مختلفة عن الآخرين، وكان صاحب رأي مختلف. في حلقات متصلة-نشرت بالصحف، وصدرت في كتاب- حاول الدكتور عبد الله علي إبراهيم أن يقدم دليلا ملموسا على عمالة منصور المزعومة في مقال حمل عنوان (منصور خالد القوال) ما يأتي: ((فقد وقعنا على وثائق خبرها غير سار. فقد خدم منصور المخابرات الأمريكية في عام 1953 وهو طالب بعد بكلية الخرطوم الجامعية. وربما كان في عامه الثاني بكلية القانون. فقد ورد اسمه ونوع خدمته في تقرير من ضابط الاتصال بالسفارة الأمريكية بتاريخ 8 أغسطس 1953 إلى الخارجية الأمريكية بصورة إلى أفرع القوات المسلحة الأمريكية والسي آي أى. وهو تقرير استكمل به ضابط الاتصال مذكرة سلفت له بتاريخ 31 مارس 1953. وعنوانه “الشيوعية في السودان”. وأرفق سويني قائمة بالمصادر البشرية التي زودته بالمعلومات لكتابة التقرير ثم قائمة أخرى عَرَّفت بعشرين شيوعياً أو من أعتقد مخبرو سويني أنهم شيوعيون ومنهم عبد الخالق محجوب ومحمد سعيد معروف وأحمد سليمان وقاسم أمين وطه بعشر وحسن الطاهر زروق ومصطفى السيد وعبد القادر حسن وفاطمة طالب وخالدة زاهر السادات ومحمد أمين حسين وعز الدين على عامر وأحمد محمد خير وحسن سلامة ومحمد المرضي جبارة وعبد الرحيم الوسيلة وفتح الرحمن محمد خلف الله وجيمس تدي لاركن (جوبا) ومحمد إبراهيم نقد وعبد العزيز أبو. وأرفق سويني بالتقرير القوانين التي صدرت لمكافحة الشيوعية ونصاً مترجماً لخطاب القاه المرحوم محمد سعيد معروف في الأبيض عن مهام ما بعد الاتفاقية كانت قد نشرته جريدة “الصراحة”.
جاء اسم منصور خالد بالرقم 9 من بين المصادر البشرية لهذا التقرير وعددهم إحدى عشر. ووصفته القائمة بأنه “طالب قانون بكلية الخرطوم الجامعية ومحرر بجريدة “الوطن” والمعلومات عن الطلبة من صنعه.” وعلى ضوء هذه المعلومات كتب سويني ما يلي عن عبد العزيز أبو : ” طالب سابق بكلية الخرطوم الجامعية وكان عضواً بلجنة اتحاد الطلبة. طٌرد من الكلية لقيادته مظاهرة. هو الآن بسبيله للدراسة بجامعة براغ التي منحته مواصلات مجانية بداخل البلد وأعفته من المصروفات الجامعية ونفقات السكن والأكل التي تكفلت بها الحكومة التشيكية طوال تلقيه العلم بالجامعة. وبحسب إفادة منصور خالد فإن أبو كان بادر بالتقديم لهذه المنحة بالسفارة التشيكوسلوفاكية بالقاهرة. ويقول خالد أن أبو شيوعي لا غلاط فيه.” وجاء ما يلي في تقرير سويني عن محمد إبراهيم نقد: “طالب سابق بكلية الخرطوم الجامعية وسكرتير اتحاد الطلاب. طردوه من الكلية لنشاطاته الشيوعية. هو الآن بسبيله إلى براغ. فقد منحوه مواصلات مجانية بداخل البلد وكذلك أعفوه من المصاريف الجامعية مع السكن والأكل وتكلفت الحكومة التشيكية بذلك. وبحسب قول منصور خالد فإنه قد بادر بالتقديم للمنحة بسفارة تشيكوسلوفاكيا بالقاهرة. ونقد هو قريب الدرديري نقد من الحزب الجمهوري الاشتراكي.”))
رد مصطفى البطل على إتهامات عبد الله
يرى البعض أن عبد الله قد حوّر الحقائق ونسب مالا ينسب، فسويني لم يكن ضابط مخابرات، والوثائق نفسها لا تخص المخابرات، والعمالة لا تثبت على منصور لأنه لا ينقل للمخابرات عن تنظيم ينتمي اليه!! وفي مقال له نشر بمجلة سودانايل الإلكترونية فند الدكتور مصطفى البطل حجج عبد الله علي إبراهيم ومما جاء في مقاله ذاك(الكتابة باللون الأحمر من صنعنا): (في واحدة من رسائله إلى على أبوسن
منصورخالدعميل امريكي ليس الا بدليل انه الاسفين الاول في نعش السودان الموحدلانه كان المستشار السياسي الاول لجون قرنق .