سياسية

وقف ضخ النفط.. لتفادي استفادة الشمال

في الوقت الذي يهرول فيه جنوب السودان إلى يومه الموعود «9 يوليو 2011» ليصبح أحدث دولة في العالم فإن أدوك- وهو أحد الوزراء المرموقين في حكومة جنوب السودان والذي تعود جذوره إلى ولاية أعالي النيل الغنية بالنفط- لديه خطة مبسطة لتحقيق الأمن الاقتصادي لبلده الجديد- وذلك بان يتم إغلاق النفط كلية ووقف امداداته.
وهذا المنطق ربما يعني الانتحار بالنسبة لمراقب غير ملم تماماً بمجريات الأمور في جنوب السودان ويدرك ما يعيشه هذا البلد من فقر أقرب إلى فقر العصر الحجري وأعتماده على عائدات النفط بنسبة «98%» من دخله. ولكن بالنسبة للوزير أدوك فإن عائدات النفط التي تقدر بعشرة بلايين دولار في العام والتي جعلت جنوب السودان خلال السنوات الماضية طافياً على السطح ادت أيضا« إلى جعل هذه المنطقة أنموذجاً للفساد و الظلم. وقال أدوك «إذا حرصنا على الاحتفاظ بهذا النفط فإنه سوف يدمر اقتصاد الجنوب».. ويقول بكل جدية «فلينقطع النفط. فإن هذا سيكون وضعاً أفضل لبلادنا».
وللنفط في جنوب السودان قصة طويلة فقد ساعدت اكتشافات شركة شيفرون للنفط في تلك المنطقة على إعادة اشعال الحرب الأهلية في جنوب السودان في العام 1983 في أعقاب عقد من الزمان شهد فيه السودان السلام. وأدت الحرب الثانية إلى مصرع حوالي مليوني شخص وإلى نزوح ولجوء حوالي «200،000» نسمة.
وظل الجنوبيون يرقبون بقلوب ملؤها الغيظ والحسد إلى النفط وهو يحدث انتعاشاً اقتصادياً في شمال السودان فقد ارتفع الناتج المحلي في الشمال من «10» بلايين دولار خلال العام 1999 وهو العام الذي بدأ فيه تصدير النفط- إلى «53» بليون دولار في العام 2008 وقفز دخل الفرد من «334» دولاراً إلى «532» خلال نفس المدة. ويكاد يكون معظم ذلك النمو الاقتصادي في شمال السودان ناتج النفط. واليوم تنتظم أرجاء شمال السودان آلاف الأميال من طرق المرور السريع الحديثة إلى جانب تشييد سد عملاق لانتاج الطاقة الكهربائية المائية. وفي ذات الوقت ليس في جنوب السودان بأكمله سوى «60» ميلاً من طرق الأسفلت ولكن هذا النمو لم يأت دون ثمن.. فقد ادت الأموال النفطية إلى حدوث انحراف في مسيرة الاقتصاد في شمال السودان وقد أثر ذلك بشكل ملحوظ على صادرات الشمال الأخرى ونجم عنه تضخم حاد وارتفاع كبير في اسعار السلع. وهذه ظاهرة تسمى «المرض الهولندي». ثم هنالك الفساد المتفشي في جنوب السودان. ويمكن للمرء ان يدرك ان هنالك أموالاً قذرة طائلة تطفو على السطح في بلد نامٍ عندما يشاهد سيارات الهمر والرينج روفر في طرقات جوبا و الخرطوم. وحدثني رجل أعمال سوداني قائلاً «إن إمتلاك سيارات اللاندكروزر أمر عادي لأن معظم الميكانيكيين يستطيعون إصلاحها في حالة العطب. ولكن من العسير جداً الحصول على قطع غيار الرينج روفر ناهيك عن الهمر. ان هذا لا يعني سوى المظاهر والأستعراض».
وما زال جنوب السودان يتوق إلى اليوم الذي سوف يحصل فيه على زيادة من نصيبه من عائدات النفط من النصف إلى المبلغ الكامل.
ونسبة لأنعدام الثقة بين الشمال والجنوب الذي كرسته الحرب الأهلية عبر السنين فإن ادوك وأمثاله حريصون على تشييد خط جديد للأنابيب الناقلة للنفط عبر كينيا ومن شأن هذا ان يخرج شمال السودان كلية من معادلة النفط.
وفي هذا المسار البديل الذي يفضله أدوك فإن جنوب السودان سيتوقف عن كونه دولة مصدرة للنفط في الوقت الذي يجري فيه بناء خط الأنابيب الجديد صوب الموانئ الكينية والذي تقدر كلفته باربعة بلايين دولار. ويقول بعض المسئولين في جنوب السودان ان تشييد خط أنابيب جديد سوف يكون مبرراً فقط عند الحصول على اكتشافات نفطية جديدة في جنوب السودان.
ويقول أدوك مدافعاً عن رأيه «إن المواطنين سوف يصبحون مجبرين على العودة إلى الزراعة لإنتاج محاصيل نقدية وليجدوا سبلاً أخرى للحصول على المال».. ومضي أدوك إلى القول «إن اموال النفط لا تذهب إلى التنمية بأي حال من الأحوال- بل ان هذه الأموال الطائلة يذهب معظمها لمقابلة مرتبات العاملين في الدولة.
وسألته عما سيحدث لحوالي «100،000» من العاملين في الدولة في البيروقراطية المتضخمة في جنوب السودان. فقال إن عليهم ان يتوجهوا جميعاً نحو الحقول ليحفروا الأرض و يفلحوها وينتجوا المحاصيل الزراعية».
ومما يجدر ذكره ان أدوك ليس بالسياسي الجنوبي العادي، فقد شارك في تمرد الأنانيا الأول خلال الفترة من «1965-1972» ويحمل درجة الدكتوراة في الجيلوجيا عند انضمامه لصفوف الجيش الشعبي وفقد إحدى ساقيه خلال المعارك وعمل ادارياً في المناطق التي كانت تسيطر عليها الحركة الشعبية.
وألف أدوك كتاباً يحمل عنوان «سياسات التحرير في جنوب السودان» وينحي الكاتب باللائمة على نفسه وأخطائه التي أدت إلى حدوث العديد من العواقب.
ويصر أدوك وهو جالس في فناء داره بجوبا ان خطته سوف تنجح بالرغم من اعتقاده بأن الحكومة في جنوب السودان لن توليها اهتماماً كبيراً.
وقال أدوك «نعم الحكومة في حاجة إلى المال لتسيير دولاب عملها. ولكن يمكنها الاستدانة خلال فترة بناء خط الأنانيب الجديد وهي مدة أقصاها عامان. وعندما يستأنف الجنوب تصدير نفطه سوف يكون له اقتصاد افضل واكثر تنوعاً».

صحيفة الراي العام

‫2 تعليقات

  1. [COLOR=red] [B]رضينا بالهم والهم ما رضا بينا , سبحان الله فعلا خيرا تعمل شرا تلقى واساسا الشراكه دي ما كان مفروض تكون والسودان كان مفروض يستفيد من قروش النفط في تنميه الزراعه والصناعه والثروه الحيوانيه والسياحه لانها اموال لاتنفع زي المال الحرام ما بقدم والتنميه في البنيه التحتيه الحقيقيه كان الاولى زي التعليم والصحه وتنميه الاقاليم بدل صب كل اموال السودان في العاصمه القوميه … الله يسترنا ويغنينا من فضله[/B][/COLOR]

  2. ياناس قولوا بسم الله الرحمن الرحيم وتمسكوا بكتاب الله وسنة رسول الله واعلموا ان الامه لواجتمعوا على ان يضروكم بشئ لن يضروكم بشئ الا قد كتبه الله عليكم ولو اجتمعوا على ان ينفعوكم بشئ لن ينفعوكم بشئ الاقد كتبه الله لكم او كما قال