سياسية

خروج صلاح قوش..انتهاء حقبة أم بداية أزمة ؟


[JUSTIFY]لم يكن القرار الرئاسي بإقالة مستشار الرئيس للشؤون الأمنية الفريق صلاح «قوش» خطوة مفاجئة لكثير من المراقبين، رغم أن البعض كان يستبعد حدوثها في الوقت الراهن، على الأقل لاعتبارات تتعلق بتغلغل نفوذ الرجل في مؤسسات وأجهزة الدولة والحزب سياسياً وأمنياً، لكن الناظر إلى ميدان صراع الأجنحة ومراكز النفوذ داخل المؤتمر الوطني، تستوقفه عدة مؤشرات ومعطيات جميعها كانت تمهد لهذه الحلقة الأخيرة من مسلسل تفكيك امبراطورية «قوش»، وتفتيت مراكز النفوذ فيها بعد أن تحول الرجل وقتها إلى دولة داخل دولة، للدرجة التي جعلت الاعتقاد السائد لدى الكثيرين أن السلطة الفعلية بيد «قوش» وحده،
وأن الدولة تُدار أمنياً بواسطته، وهو الذي يحرك كل القرارات المهمة بعد صناعتها داخل المؤسسة الأمنية.. هذه المقولة التي يتندر بها الكثيرون عززتها معطيات كثيرة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م.. وما أدراك ما أحداث الحادي عشر!!
{قوش يتمدد دون قيد
بإلقاء نظرة فاحصة على الفترة التي بدأ فيها نفوذ قوش يتمدد، يدرك المراقب السياسي أن ثمة ظروفاً أمنية محددة خلقت مناخاً مواتياً لهيمنة الرجل وبسط سيطرته على الجوانب الأمنية والسياسية والدبلوماسية، ولعل من أبرز هذه الظروف، نتائج احداث الحادي عشر من سبتمبر ــ على الصعيد الخارجي ــ حيث أطلقت نتائج تلك الأحداث يد الأجهزة الأمنية في كل دول العالم، خاصة تلك التي أبدت تعاوناً «غير محدود» مع أمريكا في محاربة الإرهاب، وأصبحت أجهزة الأمن «المتعاونة» تدير السياسة والأمن والدبلوماسية وتتدخل في عمل كل الأجهزة، وهذا الوضع لم يكن بعيداً عن السودان.
وأمنياً ايضاً وعلى الصعيد الداخلي، فإن استمرار الخلافات وتصاعدها بين «الوطني» و«الشعبي» واعتقال «الترابي» الذي تزامن مع احداث الحادي عشر من سبتمبر، جعل الحكومة تطلق يد الأمن لإدارة المعركة مع الترابي، وهو أمر لا يزال مستمراً، وتؤكده تصريحات المسؤولين الذين يشيرون إلى أن اعتقال الترابي قضية أمنية تخص جهاز الأمن وحده!!
إذن إسناد هذه المعركة الشرسة منذ عام 2001م لقوش، جعل نفوذه يكبر ويتمدد على حساب السياسة والدبلوماسية في بعض الأحيان، خاصة عندما بدأ الترابي يشكل «بعبعاً» للمؤتمر الوطني منذ المفاصلة والى الآن..
{ صلاحيات بلا سقوف
وفي تلك الأثناء وبناءً على المعطيات المشار اليها، بدأ قوش يتراءى للكثيرين بأنه صاحب صلاحيات بلا سقوف، ومهام غير محدودة، وعزز هذا الاعتقاد بعض المعطيات التي يمكن اجمالها في ثلاث نقاط جوهرية:
1/ سياسياً تمدد الجهاز وتغول على صلاحيات أجهزة السياسة للحزب، وفتح قنوات الاتصال مع القوى المعارضة، وأصبح يدير معها الحوارات السياسية، وتحول من اعتقال المعارضين إلى دعوتهم إلى «المأدبات»، وكان آخر هذه الحوارات السرية والعلنية، حوار المستشارية، القشة التي قصمت ظهر البعير.
2/ دبلوماسياً أصبح «قوش» يضطلع ببعض الأدوار الدبلوماسية في عدد من الدول، على خلفية التعاون مع المجتمع الدولي في مجال مكافحة الإرهاب.
3/ أميناً وعلى الصعيد الخارجي فإن شهادة وزير خارجية امريكا الاسبق كولن باول وإشادته بمستوى التعاون الامني السوداني في مجال مكافحة الإرهاب، منح رجل المخابرات الأول في السودان شهادة «الرضاء الامريكي»، وهذا وضع كانت الخرطوم بحاجة إليه في ادارة معركتها الدبلوماسية والسياسية والأمنية مع واشنطون.
{ بداية التحجيم
وبالعودة إلى نقطة البداية في هذا التحليل، يمكن الإشارة الى المعطيات والمؤشرات التي مهدت الطريق لإطاحة قوش وتفتيت مراكز نفوذه داخل المؤتمر الوطني ومؤسسات الدولة الأخرى، والتي تقاطعت مع مراكز نفوذ أخرى أقوى يتزعمها مساعد رئيس الجمهورية الدكتور نافع علي نافع كما بدأ الأمر جلياً.
والناظر إلى تطورات هذا الصراع بين «مركزي» النفوذ المُشار اليهما، يدرك أن ترتيبات تحجيم قوش وايقاف خيله الجامحة بدأ بشكل فعلي في سبتمبر 2009م، بعد إعفائه من منصب مدير جهاز الأمن والمخابرات ونقله الى مستشارية الأمن، حيث تقلصت صلاحياته إلى أكثر من 90%، وبدا دوره ظاهرياً «منسق» فقط، إلا أنه ونظراً لطموحه السياسي المعروف لم يكتف بالوظيفة الجديدة، لكنه خلق لنفسه أدواراً سياسية أخرى مثل حوار المستشارية الذي لم يكن يُرضي الأجهزة السياسية في المؤتمر الوطني. وقد عبر «نافع» عن عدم الرضاء ذلك بكل وضوح في المؤتمر الإذاعي «المشهود»، وجاءت ردة الفعل لتصريحات نافع من قبل قوش عنيفة وقاسية من شاكلة: «كلام نافع يخصه هو» وغيره، لكن ردة الفعل «المرتدة» كانت أعنف وأقسى، كما بدا الأمر أكثر جلاءً لكل المراقبين، حيث جاء القرار حاسماً وجريئاً، لينهي فصول صراع مكتوم بين مراكز القوى داخل «الوطني».
ثم يبقى القول إن ترشيح قوش نفسه للانتخابات البرلمانية الأخيرة والمهرجانات السياسية التي صاحبت حملته وفوزه واستعراض شعبيته، كل ذلك له مؤشرات وأبعاد يمكن قراءتها في سياق ساحة الصراع..

الانتباهة[/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. تحليل منطقى ويتمتع بنسبة كبيرة من الواقعية لكن هناك رؤوس مواضيع هامة وخطرة فى نفس الوقت تحاشى التقرير التعرض لها وكاتب التحليل اكيد يعلمها لكن تحاشية لها يؤكدها ويثبتها .. وهى ان المؤتمر الوطنى ( بلع الطعم ) الزى وضعتة المعارضة لة .. حكومة الانقاذ تجاهلت خبرة وحنكة ودهاء معارضة بها اخطر رجليين هما الصادق المهدى وابراهيم نقد وبصراحة هذا الاسفين الزى وقع داخل المؤتمر الوطنى فية ريحة الرجليين وهو ما المح بة الصادق المهدى فى لقاءة فى سبتمبر الماضى بمسجد السيد عبد الرحمن بودنوباوى . والتحليل المنطقى يقول ان حكومة الانقاذ لا يمكن ان تتناذل عن الحكم او تعطى تنازلات للمعارضة فما كان للمعارضة الا العمل بمثل مايحصل الان وهو فعلا لا قولا بداية النهاية لحكومة المؤتمر الوطنى لانو الاختلاف بين افرادها اصبح علنيا ونشر مكرهم على بعضهم يعجل بذهابهم .. لى سؤال هام وعاجل وملح وتصحبة ملايين علامات الاستفهام اين الاستاذ على عثمان محمد طه من كل هذا الحراك ولماذا …… ولمذا ………. ولماذا…………..؟؟؟؟؟؟؟السياسة كما قال الزعيم الراحل عبد الناصر لعبة نظيفة جدا وقذرة جدا جدا .. وفى النهاية سيدفع الشعب السودانى الثمن غاليا .. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد ..