سياسية

نيران صديقـة فــي مرمــى الحكومــة .. تصريحـات المسؤولــين

[JUSTIFY]يبدو أن إشكالية ضبط التصريحات الإعلامية للحكومة السودانية قد استعصت على الحل، فالعدوان الأخير للجبهة الثورية على ولايتي كردفان خير دليل على مدى التخبط الإعلامي الذي تعاني منه الحكومة، بفضل تبرع قياداتها للتصريح كيفما اتفق في شؤون هي من صميم القوات النظامية او المسؤولين المنوط بهم شأن التفاوض مع دولة الجنوب أو قطاع الشمال، ولا تقف خطورة تلك التصريحات على كونها مضللة وغير سليمة فقط، بل ربما نجمت عنها أضرار لا تدركها الا الجهات التي تحيق بها تلك الأضرار، ومن أشهر تجليات تلك العشوائية الإعلامية ما دار حول مقتل القائد العسكري بالجبهة الثورية عبد العزيز الحلو، فعندما طارت الأنباء عن مقتله في نهاية الشهر الماضي اتصلت ببعض المسؤولين هناك فأكدوا لي أن هذه الأنباء وصلتهم من الخرطوم وأنهم غير متأكدين من صحتها، بينما أفادني أحد المجاهدين الذين خفوا إلى شمال كردفان عقب الهجوم على أم روابة بأنها لا تعدو أن تكون شائعة، وفي المقابل انهالت افادات قيادات المركز المؤكدة لمقتل الحلو، فها هو رئيس لجنة العلاقات الخارجية والأمن والدفاع بالمجلس الوطني محمد الحسن الأمين يقول في حديثه لقناة «الشروق» الفضائية إن الحلو أصيب إصابة بالغة، وإذا قدر له أن يعيش فإنه سيعيش معاقاً، والغريب في الأمر أن مساعد الرئيس وقائد جهاز الأمن السابق نافع علي نافع قد وقع في نفس الخلط بقوله في أحد اللقاءات الجماهيرية بولاية كسلا إن الحلو بين الحياة والموت، بينما تروى بعض الصحافيين في التأكد من الخبر، ومنهم رئيس تحرير الزميلة «السوداني» ضياء الدين بلال عبر زاويته «العين الثالثة» التي أعرب فيها عن أمانيه ألا تكون معلومة مقتل الحلو عبارة عن كمين إعلاميٍّ معدٍّ من قبل الحركة الشعبية، وجزء من الحرب النفسية المراد منها توجيه ضربة قاضية لمصداقية الحكومة ولأجهزة الإعلام الداخلية على طريقة أسلوب مسؤول الدعاية النازية في أيام «هتلر» غوبلز الذي تخصص في اغتيال مصداقية الخصوم، فقد كان يمتلك ماكينة ألمانية فاعلة في نشر الشائعات وتسديد الضربات المؤذية للحقائق.
وفي السياق نفسه أورد الصحافي فضل الله رابح في زاويته «الراصد» أن الحلو درج على بث شائعة مقتله باعتبارها جزءاً من التكتيك العسكري منذ انضمامه للحركة الشعبية.
وما لبث جهاز الأمن أن عرى زيف المعلومات التي تفنن المسؤولون في عرضها بأن الحلو حي يرزق وأنه يدير الحرب في جنوب كردفان، أما وزارة الإعلام المنوط بها وضع الضوابط اللازمة حيال التصريحات التي تصدر عن المسؤولين بالقطاعات المختلفة، إذا بها أيضاً لا تسلم من التخليط، فقد سبق لوزير الإعلام أحمد بلال أن قال لدى استقبال القاهرة لوفد من قيادات حركة العدل والمساواة ما معناه أنه لا ضير من وجودهم بالقاهرة، بينما أبدى سفير السودان بالقاهرة احتجاجاً كبيراً على استقبال الحكومة المصرية الوفد، وعند لقائه بالقيادات الإعلامية أخيراً اهتم النائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه بالتأكيد على أن الحرب الدائرة بكردفان ليست حرباً عنصرية، بينما خرج وزير الإعلام ليصرح على الملأ بأن الحرب تمضي على وتيرة الطابع العنصري، وربما كان والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر من أكثر المسؤولين تطرقاً للشؤون الأمنية أخيراً، فهو القائل للناس «أرقدوا قفا» فالخرطوم مؤمنة، وكأنه يشير إلى أن باقي البلاد غير مؤمنة، وعاد ليتحدث عن استعداد الحكومة للجلوس للتفاوض متى وضعت الجماعات المسلحة السلاح. وفي ذات الصحيفة التي اوردت خبر الخضر عن التفاوض جاء الحديث مرسلاً على لسان رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر بأنه لا تفاوض مع من حمل السلاح، بينما لرئيس الوفد الحكومي للتفاوض مع قطاع الشمال إبراهيم غندور وهو المعني بالملف حديث منشور قال فيه: «نفاوض بيد ونقاتل بيد»، وللطاهر تصريح شهير جاء فيه أن أية محاولة لدخول الخرطوم ستكون كارثة على المتمردين، والتصريح يوحي بأن المتمردين على مشارف الخرطوم، ولا شك أن مثل تلك التصريحات تلقي بظلالها السالبة على الجهود التي تبذلها الجهات المعنية بملف جذب الاستثمار.
وقطعاً ليست هذه هي المرة الأولى التي تتقاطع فيها تصريحات المسؤولين في الأحداث الكبيرة التي تصيب البلاد، فقد كان العدوان الإسرائيلي على مصنع اليرموك في أكتوبر من العام الماضي مسرحاً خصباً للتصريحات المزرية، والتي بلغ البعض منها أن «مكنة لحام» هي السبب في الانفجارات، وآخرون زعموا أن الطائرات الإسرائيلية التي رآها المواطنون رأي العين ما هي إلا طائرات إطفاء سودانية لاحتواء الحريق بالمصنع. وفي المحاولة التخريبية أو الانقلابية التي اتهم فيها عدد من القيادات الأمنية والعسكرية تضاربت التصريحات أيضاً، حيث ذهب وزير الإعلام إلى أن الانقلابيين أعدوا قائمة اغتيالات، الشيء الذي نفاه القيادي بالحزب قطبي المهدي مؤكداً أن المحاولة كانت في بداياتها.
وبالعودة لقضية التصريحات المتعلقة بالجيش التي تطاير رشاشها أخيراً، ويبدو أنها قد أزعجت وزارة الدفاع مما دفع الاخيرة لإصدار ضوابط مشددة للتعامل مع أخبار الجيش، فقد فصلها الناطق الرسمي العقيد الصوارمي خالد سعد وفق لما أوردته الزميلة «آخر لحظة» امس، وفيها دعا لعدم نشر اي خبر يختص بسير العمليات العسكرية في مناطق العمليات استناداً إلى أي مصدر، ونوه بالابتعاد عن نشر الاخبار الخاصة بالوحدات والتشكيلات واوضاع الجيش وخططه اذا ورد ذلك من اية جهة اعتبارية غير وزارة الدفاع او رئاسة الاركان المشتركة، فضلاً عن عدم التعامل مع الأخبار العسكرية ونشرها دون التثبت من مكتب الناطق الرسمي.
ولما تعذر الاتصال بالصوارمي للوقوف علي طبيعة المخاطر التي تنجم عن التصريحات المتعلقة بالجيش، هاتفت الصحيفة العميد محمد عجيب الذي وصف تلك التصريحات بالمدمرة لأي عمل عسكري في الميدان، باعتبارها تسدي خدمة مجانية للعدو، مشيراً لبعض التصريحات التي تحدثت عن عزم الجيش مهاجمة المتمردين في أبو كرشولا من محورين، مضيفاً أن أقل الأضرار التي تنجم عن تلك التصريحات هو كشف خطط الجيش، الشيء الذي يفقده عامل المباغتة الذي يعتبر عنصراً أساسياً في العمليات العسكرية، ويجعل قوات الجيش مكشوفة للعدو، وبشأن الأحاديث التي ينثرها المسؤولون غير المعنيين حول تحرير منطقة ما أو ما شابه، ذهب عجيب إلى أن الجيش لا يعمل وفق الضغوط السياسية، وأن أداءه منوط بعوامل المفاجأة وعنصر الخدعة وترتيبات أخرى، مشيراً إلى أن صوتهم قد بحَّ من الشكوى لوزير الدفاع ووزارة الإعلام والبرلمان حول هذا الموضوع، ولكن دون جدوي، مضيفاً أن الفضاءات المفتوحة وفرت المعلومات للأعداء، وبجانب ذلك يتطوع المسؤولون بمزيدٍ من المعلومات للأعداء، موضحاً أن الإعلام يعتبر من المصادر المفتوحة لأجهزة المخابرات لاستقاء المعلومات.
وعلى كلٍ لعل وزارة الإعلام التي أعلنت عن غرفة عمليات خاصة لتمليك المعلومات للرأي العام، تفلح في لجم سيل التصريحات المتدفقة، وأن تزن تصريحاتها بميزان التوجه العام للدولة.
[/JUSTIFY]

الانتباهة – تقرير: ندى محمد أحمد

‫4 تعليقات

  1. يبدو ان الصحفية بعيدة كل البعد عن نوعية الاخبار المراد التصريح فيها من مصدر مسؤل وواحد والكلام الذي يقوله البعض من الادارات .. هناك فرق بين التصريح وبين الكلام المنسوب لشخص ما ,و الذين يتحدثون يقولون انه سمع او ربما او يعتقد فهذا ليس بتصريح ولا يمكن ان يلام عليه الشخص الذي تحدث وانها حرب اعلامية ويقصد منها الحرب النفسية ,, فبقدر ما تنولتي ايتها الصحفية الاثار السالبة لمثل هذه التصريحات فهناكم الايجابيات التي تحدث وهي خلق بلبلة في صفوف الحركة او الجبهة وارباك صفوف القتال عندهم ..
    التصريح الاعلامي والذي يؤاخذ عليه المتحدث هو عقد مؤتمر صحفي لمسؤول ايا كان ويدلي بتصريحات ليست من صميم عمله وعلمه ويقطع جازما ان كذا وكا قد حدث ويكون غير صحيح ..
    مثال والي الخرطوم حين تلقى الماكيرفونمات ووقف اما الكاميرا وصرح بماصرح فهذا يعد فعلا تصريح يتداخل مع صلاحيات الاخرين ..
    وفي حالة الحلو التصريح الوحيد الذي خرج من القوات المسلحة او جهاز الامن انه ليس لديهم معلومة مؤكدة وربما اصيب او لا .. وهذا كلام عقلاني وينفي التهمة عن التصريح الاعتباطي ..

  2. [SIZE=5]…وهذا مابح صوتنا لتلافيه ….ولكن كل يغني على ليلاه ….مقال جدير بوضعه في طاولةجلسات مجلس الوزراء [/SIZE]

  3. المواطن السوداني
    على جميع المسئولين في الحكومة ضبط الخطاب الاعلامي بما تتطلبه المرحلة الدقيقة التي يمر بها الوطن والحروب الاهلية المتمثلة في التمرد على الحكومة الذي وصل الى مرحلة حمل السلاح ومواجهة ابناء الوطن بعضهم بل ويطلقون على بعضهم وصف العدو وذلك كله صراعا حول السلطة والمال .
    المواطن السوداني يناشد الطرفين الحكومة والمتمردين بضبط النفس ووقف الاقتتال فورا والجلوس الى طاولة المفاوضات ليس لاقتسام السلطة والمال انما للتواضع لكتابة دستور دائم للبلاد تكون فيه الكلمة الاولى والاخيرة يولي من يولي ويطرد من يطرد
    المواطنالسوداني اذ ينظر بقلق بالغ الى مايدور فانه يناشدالجميع وقف القتال والاحتكام الى العقل وماتمليه مصلحة الوطن واخيرا .

  4. [SIZE=4]والله المفروض الشعب اجيب المتمردين والحكومة ويقفلون في غرفة وحده والبجي طالع حي امسك الحكومة , الشعب زنبو شنو يموت من اجل حكومة لاتستطيع ان تحمية ومتمردين ليس لديهم هدف[/SIZE]